أقول : قوله «طوبى» إما أن يكون مصدرا كالرّجعى ، قال تعالى : (طُوبى لَهُمْ) أي : طيبا لهم ، كقوله تعالى (تعسا لهم) ، وإما أن يكون مؤنثا للأطيب ؛ فحقه الطّوبى ، باللام ، وحكمه حكم الأسماء ، كما قال سيبويه : هذا باب ما تقلب فيه الياء واوا ، وذلك إذا كان اسما كالطوبى والكوسى ؛ قال : لأنها لا تكون وصفا بغير الألف واللام ؛ فأجرى مجرى الأسماء التى لا تكون وصفا بغير الألف واللام ؛ لأنها لا تستعمل مع «من» كما هو معلوم ، وأما مع الإضافة فإن المضاف إليه يبين الموصوف ؛ لأن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه ؛ فلا تقول : عندى جارية حسنى الجوارى ؛ لأن الجوارى تدل على الموصوف ، فلما لم تكن فعلى بغير لام صفة ولم تتصرف فى الوصفية تصرف سائر الصفات جرت مجرى الأسماء ، ولقلة معنى الوصف فى أفعل التفضيل انصرف المجرد منه من «من» إذا نكر بعد العلمية اتفاقا ، بخلاف باب أحمر ؛ فان فيه خلافا كما مر فى بابه (١)
يقال : مشية حيكى ، إذا كان فيها حيكان : أى تبختر ، قال سيبويه : هو فعلى بالضم لا فعلى بالكسر ؛ لأن فعلى لا تكون صفة ، وإما عزهاة (٢)
__________________
(١) قد ذكرنا ذلك فيما مضى ونقلنا لك العبارة التى يشير إليها هنا من شرح الكافية فارجع إليه فى (ح ٢ ص ١٦٩)
(٢) العزهاة : الذى لا يطرب للهو. واعلم أن العلماء قد اختلفوا فى مجىء فعلى ـ بكسر فسكون ـ صفة ؛ فأثبته قوم ونفاه شيخ هذه الصناعة سيبويه ، وذكر أنه لا يجىء صفة إلا بالتاء (ح ٢ ص ٣٢١) ، فأما من أثبتوه فقد ذكروا من أمثلته عزهى ، وسعلى ، وكيصى ، وقد رد عليهم أنصار سيبويه بانكار الأولين ، وقالوا : لا نعرفهما إلا بالتاء ، وأما المثال الثالث فلا يلزم أن يكون فعلى ـ بكسر الفاء ـ وإنما يجوز أن يكون أصله فعلى ـ بالضم ـ فقلبت الضمة كسرة لتسلم الياء ، والألف فى الثلاثة للالحاق : أما فى الأولين فللالحاق بدرهم ، وأما فى الثالث فللالحاق بجخدب ـ