وجاء الراء بدلا من اللام شاذا ، كقولهم فى الدّرع : نثرة (١) ونثلة (٢) وذلك لأنهم قالوا : نثل عليه درعه ، ولم يقولوا : نثرها ، فاللام أعم تصرفا ، فهى الأصل ، والفاء تكون بدلا من الثاء ، حكى أبو على عن يعقوب : قام زيد فمّ عمرو ، وقالوا : جدث وجدف (٣) والفاء بدل ، لقولهم : أجداث ، ولم يقولوا :
أجداف ، وجاء الكاف بدلا عن القاف ، يقال : عربى كحّ (٤) وقحّ وجاء فى
__________________
أبان بن الوليد البجلى ، وقد رجعنا إلى ديوانه فوجدنا هذه القصيدة ، وأولها
إنّى على جنابة التّنحّى |
|
وعضّ ذاك المغرم الملحّ |
لا أبتغى سيب اللّئيم القحّ |
|
قد كان من نحنحة وأحّ |
*يحكى سعال الشّرق الأبحّ* |
ولكنا لم نجد بيت الشاهد فى هذه القصيدة ، ووجدناه فى زيادات الديوان من أبيات هكذا :
فابتكرت عاذلة لا تلحى |
|
قالت ولم تلح وكانت تلحى |
عليك سيب الخلفاء البجح |
|
غمر الأجارىّ كريم السّنح |
أبلج لم يولد بنجم الشّحّ |
|
بكلّ خشباء وكلّ سفح |
والغمر ـ بفتح فسكون ـ : الماء الكثير الساتر ، والأجارى : جمع إجريا ـ بكسر الهمزة والراء بينهما جيم ساكنة وبعد الراء ياء مشددة ـ وهو ضرب من الجرى ، والسنح ـ بكسر فسكون ـ : الأصل ، وأصله السنخ ـ بالخاء ـ فأبدل منها حاء مهملة. وهو محل الاستشهاد بالبيت ، والشح : البخل
(١) النثرة : الدرع السلسلة الملبس ، أو الواسعة ، ومثلها النثلة : الراء بدل من اللام ، قالوا : نثل الدرع ينثلها ـ من باب ضرب ـ إذا ألقاها عنه ، ولم يقولوا : نثرها.
(٢) الجدث : القبر ، وجمعه أجدث وأجداث ، وقالوا فيه : جدف ، فأبدلوا من الثاء فاء ، كما قالوا : فوم فى ثوم
(٣) الكح : هو القح ـ بالقاف ـ وهو الخالص من كل شىء ، يقولون : لئيم قح ؛ إذا كان معرقا فى اللؤم ، وأعرابى قح ، إذا لم يدخل الأمصار ولم يختلط بأهلها.