قوله «وأباب بحر أشذ» إنما كان أشذ إذ لم يثبت قلب العين همزة فى موضع بخلاف قلب الواو والياء والألف ؛ فانها تقلب همزة ، أنشد الأصمعى
١٦٣ ـ *أباب بحر ضاحك هزوق (١)*
الهزوق : المستغرق فى الضحك ، قال ابن جنى : أباب من أبّ إذا تهيأ ، قال :
١٦٤ ـ *وكان طوى كشحا وأبّ ليذهبا (٢)*
وذلك لأن البحر يتهيأ للموج ، قال : وإن قلت : هو بدل من العين فهو
__________________
(١) هذا البيت من بحر الرجز لم نقف على نسبته إلى من قاله ، والأباب :
قيل : هو العباب ـ كغراب ـ وهو معظم الماء وكثرته وارتفاعه ؛ وقيل : هو فعال من أب : أى تهيأ وذلك لأن البحر يتهيأ لما يزخر به ؛ فالهمزة على الأول بدل من العين ، كما أبدلها الشاعر منها فى قوله :
أرينى جوادا مات هزلا لألنى |
|
أرى ما ترين أو بخيلا مخلّدا |
أراد لعلنى ، وهمزة أباب على الوجه الثانى أصل ، وضاحك : كناية عن امتلاء البحر ، وزهوق : مرتفع ، ويروى هزوق» بتقديم الهاء
(٢) هذا عجز بيت للأعشى ميمون ، وصدره مع بيت سابق عليه هكذا :
فأبلغ بنى سعد بن قيس بأنّنى |
|
عتبت فلمّا لم أجد لى معتبا |
صرمت ولم أصرمكم ، وكصارم |
|
أخ قد طوى كشحا وأبّ ليذهبا |
ومن هذا تعلم أن النحاة ـ ومنهم المؤلف ـ قد غيروا فى إنشاد هذا الشاهد ، وقوله «طوى كشحا» كناية ، يقولون : طوى فلان كشحه على كذا ؛ إذا أضمره فى قلبه وستره ، ويقولون : طوى فلان كشحه ؛ إذا أعرض بوده ، وأب : تهيأ ، وبابه نصر. والاستشهاد بالبيت فى قوله «أب» بمعنى تهيأ ؛ فأنه يدل على أن الأباب فى قول الشاعر :
*أباب بحر ضاحك زهوق*
فعال وهمزته أصلية