توسطت الإمالة معه فى الحسن والقبح ، ولم تقبح قبح إمالة فتحة الراء ؛ لأن سلب قبحها ـ كما قلنا ـ كون إمالة فتحتها كإمالة فتحتين ، وليست إمالة فتحة المستعلى كذلك ، وليس استقباح إمالة فتحة الراء وتوسط إمالة فتحة المستعلى لكون الراء أقوى فى الاستعلاء من المستعلى ؛ لأنا قد ذكرنا أن المستعلى أقوى منها ، وهى ملحقة بالمستعلى ومشبهة به ، فلا تبلغ درجته ، والمروى عن الكسائى إمالة ما قبل هاء التأنيث مطلقا ، سواء كان من حروف الاستعلاء أو لا ، إلا إذا كان ألفا كالصلاة ، واختار له أهل الأداء طريقا آخر ، وهو إمالة ما قبل الهاء ، إلا إذا كان أحد الحروف العشرة ، وهى قولك «حق ضغاط عص خظا» كالنطيحة والحاقة وقبضة وبالغة والصلاة وبسطة والقارعة وخصاصة والصاخة (١) والموعظة ، وذلك لأن «قظ خص ضغط» من هذه العشرة حروف الاستعلاء ، والحاء والعين شبهتا بالخاء والغين ؛ لكونهما حلقيين مثلهما ، وأما الألف فلو أميلت لأميل ما قبلها ، فكان يظن أن الإمالة للألف لا للهاء ، أو كان أحد حروف أكهر (٢) ؛ فإنه إذا جاءت قبل الهاء وقبلها إما ياء ساكنة أو كسرة كالأيكة (٣) والخاطئة والآلهة والحافرة ؛ أميلت فتحتها ، وكذا إن كان
__________________
(١) الصاخة : في الأصل اسم فاعل من صخ يصخ ـ كشديشد ـ إذا ضرب بشىء صلب على مصمت ، ثم قيل للصيحة : صاخة ؛ لكونها تصم الآذان بشدتها ، وسميت القيامة صاخة بما يتقدمها من صيحة الملك ، ويقال للداهية أيضا : صاخة
(٢) أكهر : قد جمع فى هذه الكلمة حروفا تمنع من إمالة الفتحة ، ومع هذا فلهذه الكلمة معنى لغوى ؛ فقد تكون فعلا مضارعا ماضيه كهره ـ كمنع ـ إذا قهره أو انتهره ، وقرىء قوله تعالى (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) بالكاف بدل القاف ، وقد تكون أفضل تفضيل من هذا
(٣) الأيكة : واحدة الأيك ، وهو الشجر الكثير الملتف ، والأيكة أيضا الغيضة تنبت السدر والأراك ، وقوله تعالى (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ)