فى باب الإبدال ، (١) وإن لم يتنافرا بقيت خفية كما فى غير الباء من سوى حروف الحلق ، أما مع الحلقية فلا تخفى ؛ لأن حرف الحلق يحتاج إلى فضل اعتماد فتجرى النون على أصلها من فضل الاعتماد ؛ ليجرى الاعتماد على نسق واحد ، ومن الناس من يخفى النون قبل الغين والخاء المعجمتين ؛ لكونهما قريبتين من حروف الفم ، وكذلك النون الساكنة الموقوف عليها يخرجها من المخرجين ؛ لأن الحرف الموقوف عليه يحتاج إلى فضل بيان كما مر فى باب الوقف (٢) ومن ثم يقال : أفعى وأفعو ، وكذلك النون المتحركة ـ قبل أى حرف كانت ـ تخرج من المخرجين ؛ لاحتياجها إلى فضل اعتماد ، فإذا أدغمت النون فى حروف يرملون نظرت :
فإن كان المدغم فيه اللام والراء فالأولى ترك الغنة ؛ لأن النون تقاربهما فى المخرج وفى الصفة أيضا ؛ لأن الثلاثة مجهورة وبين الشديدة والرخوة ؛ فاغتفر ذهاب الغنة مع كونها فضيلة للنون ؛ للقرب فى المخرج والصفة
وإن كان المدغم فيه واوا أو ياء فالأولى الغنة لوجهين : أحدهما أن مقاربة النون إياهما بالصفة لا بالمخرج ؛ فالأولى أن لا يغتفر ذهاب فضيلة النون : أى الغنة رأسا لمثل هذا القرب غير الكامل ، بل ينبغى أن يكون للنون معهما حالة بين الإخفاء والإدغام ، وهى الحالة التى فوق الإخفاء ودون الإدغام التام ، فيبقى شىء من الغنة
وإن كان المدغم فيه ميما أدغم إدغاما تاما ، لأن فضيلة الغنة حاصلة فى المدغم فيه ؛ إذ فى الميم غنة وإن كانت أقل من غنة النون ، وبعض العرب يدغمها فى اللام والراء مع الغنة أيضا ضنا بفضيلة النون ؛ فلا يكون الإدغام إذن إدغاما تاما ،
__________________
(١) انظر (ص ٢١٦ من هذا الجزء)
(٢) انظر (ج ٢ ص ٢٨٦)