العرب منخل ومنغل (١) باخفاء النون قبلهما كما تخفى قبل حروف الفم ، ولم يجز مثل ذلك الإدغام فى الحاء والعين فلم يقولوا اذبعّتودا لبعدهما من الفم
قال : «والقاف فى الكاف والكاف فى القاف والجيم فى الشّين»
أقول : أما القاف فيدغم فى الكاف بقلب الأول إلى الثانى نحو الحق كّلدة (٢) ، قال سيبويه : البيان أحسن والإدغام حسن ؛ لقرب المخرجين وتقاربهما فى الشدة
وأما الكاف فإنما يدغم فى القاف نحو انهك قطنا (٣) بقلب الأول إلى الثانى ، والإدغام حسن والبيان أحسن ؛ لأن القاف أدخل ، قال سيبويه : إنما كان البيان أحسن لأن مخرجها أقرب مخارج اللسان إلى الحلق فشبهت بالخاء مع الغين كما شبه أقرب مخارج الحلق إلى اللسان بحروف اللسان فيما ذكرنا من البيان والإدغام
وأما الجيم فإنما يدغم فى الشين نحو ابعج شبّثا ، فالإدغام والبيان حسنان لأنهما من مخرج واحد ، وقد أدغمها أبو عمرو فى التاء فى قوله تعالى (ذِي الْمَعارِجِ تَعْرُجُ) ، وهو نادر ، والشين لا يدغم فى شىء مما يقاربه كما ذكرنا ، وقد روى عن أبى عمرو إدغامها فى السين فى قوله تعالى (ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) ، وكذا يدغم أبو عمرو السين فيها فى قوله تعالى (الرَّأْسُ شَيْباً) مع أنها من حروف الصفير ؛ لكونهما من حروف التفشى والصوت ؛ فكأنهما من مخرج واحد ـ وإن تباعد مخرجاهما ـ كما ذكرنا فى إدغام الواو والياء أحدهما فى الآخر ونحاة البصرة يمنعون إدغام الشين فى السين والعكس
__________________
(١) نغل الأديم ـ من باب علم ـ أى : فسد فى الدباغ ، وأنغله الدابغ فهو منغل
(٢) كلدة ـ بفتحات ـ : علم رجل ، وممن سمى به كلدة بن حنبل الصحابى ، وأبو الحارث بن كلدة الصحابى ، وأحد أطباء العرب ، وأبو كلدة : كنية الضبعان
(٣) القطن ـ بفتحتين ـ : ما بين الوركين ، وهر أصل ذنب الطائر