قياسا ، وقياس آخرين أن تحذف المحذوف قياسا أو غير قياس ، فمثل محوىّ من ضرب مضربىّ ، وقال أبو علىّ : مضرىّ ، ومثل اسم وغد من دعا دعو ودعو لا إدع ولا دع خلافا للآخرين ، ومثل صحائف من دعا دعايا باتّفاق إذ لا حذف فى الأصل»
أقول : اعلم أن هذه المسائل لأبواب التصريف كباب الإخبار لأبواب النحو
قوله «منها» الضمير راجع إلى «كذا» فى قوله «من كذا» ؛ لأنه بمعنى الكلمه واللفظة ، وفى قوله «زنتها» راجع إلى كذا فى قوله : مثل كذا ؛ لأنه بمعنى الصيغة أو البنية ، وفى قوله «تنطق به» إلى «مثل» : أى كيف تنطق بهذا المبنى بعد العمل المذكور فيه
قوله «وعملت ما يقتضيه القياس» أى : عملت فى هذه الزنة المركبة ما يقتضيه القياس التصريفى من القلب أو الحذف أو الادغام إن كان فى هذه الزنة أسباب هذه الأحكام ، وعند الجرمى لا يجوز بناء ما لم تبنه العرب لمعنى كضربب ونحوه ، وليس بوجه ؛ لأن بناء مثله ليس ليستعمل فى الكلام لمعنى حتى يكون إثباتا لوضع غير ثابت بل هو للامتحان والتدريب (١) ، وقال سيبويه : يجوز صوغ وزن ثبت فى كلام العرب مثله ؛ فتقول : ضربب وضرنبب على وزن جعفر وشرنبث ، بخلاف ما لم يثبت مثله فى كلامهم ؛ فلا يبنى من ضرب وغيره مثل جالينوس ؛ لأن فاعيلولا وفاعينولا لم يثبتا فى كلامهم ، وأجاز الأخفش صوغ وزن لم يثبت فى كلامهم أيضا ؛ للامتحان والتدريب ، بأن يقال : لو ثبت مثل هذا الوزن فى كلامهم كيف كان ينطق به ؛ فيمكن أن يكون فى مثل هذا الصوغ فائدة وهى التدريب والتجريب
__________________
(١) ذهب أبو على الفارسى وأبو الفتح ابن جنى إلى أن تكرير اللام للالحاق أمر مقيس مطرد مقصود به معنى ، وهو زيادة المعنى ، وقد ذكرنا ذلك فى أول هذا الكتاب (انظر ج ١ ص ٦٤)