تقدم ، وإن لم تكن الأولى ابتداء ـ وذلك فى غير همزة الاستفهام ، ولا تكون الثانية إلا متحركة كما قلنا ـ فالأولى : إما أن تكون ساكنة أو متحركة ، وفى كلا الوجهين قال سيبويه : إن أهل التحقيق ـ يعنى غير أهل الحجاز ـ يخففون إحداهما ويستثقلون التحقيق فيهما ، كما يستثقل أهل الحجاز تحقيق الواحدة ، قال : ليس من كلام العرب أن تلتقى الهمزتان فتحققا ؛ فإن كانتا متحركتين فمنهم من يخفف الأولى دون الثانية ؛ لكونها آخر الكلمة والأواخر محل التغيير ، وهو قول أبى عمرو ، ومنهم من يخفف الثانية دون الأولى ؛ لأن الاستثقال منها جاء ، كما فعلوا فى الهمزتين فى كلمة ، وهو قول الخليل ، وقد اختار جماعة وهم قرّاء الكوفة وابن عامر التحقيق فيهما معا ، كما فعلوا ذلك بالهمزتين فى كلمة ، وهو ههنا أولى ، لافتراق الهمزتين تقديرا ، وأما أهل الحجاز فيستعملون التخفيف فيهما معا كما فعلوا ذلك فى الهمزة الواحدة ، فمن خفف الأولى وحدها فكيفيته ما مر من الحذف أو القلب أو التسهيل ، كما مر فى الهمزة المفردة فليرجع إليه ، ومن خفف الثانية وحدها كانت كالهمزة المتحركة بعد متحرك ، فيجىء الأوجه التسعة المذكورة ، فليرجع إلى أحكامها ، فهى هى بعينها ؛ فيجىء فى «يشاء إلى» المذاهب الثلاثة فى الثانية : بين بين المشهور ، والبعيد ، وقلبها واوا ، وفى نحو هذاءأمّك (١) : التسهيل المشهور ، والبعيد ، وقلبها ياء. ونقل عن أبى عمرو حذف أولى المتفقتين ، نحو أولياء أولئك ، و (جاء أشراطها) ، ومن السّماء إن. ونقل عن ورش وقنبل (٢) فى ثانية
__________________
(١) وقع فى جميع الأصول «هذا إمك» وهو من تحريف النساخ والغفلة عن مراد المؤلف ؛ فان غرضه التمثيل لاجتماع همزتين من كلمتين ، و «ذاء» بهمزة مكسورة بعد الألف لغة فى «ذا» اسم الاشارة ؛ قال الراجز :
هذائه الدّفتر خير دفتر
(٢) قنبل ـ كقنفذ ـ : أصله الغلام الحاد الرأس الخفيف الروح ، وقد لقب به محمد بن عبد الرحمن أحد القراء