وعند الكوفيين هما تفعلة وتفعل ، والأول أولى ؛ لكون فوعل أكثر من تفعل
والتاء أقل مناسبة للياء منها للواو ، فلذلك قل إبدالها منها ، وذلك فى ثنتان وكلتا على قول (١)
وإبدال التاء من الواو [فى الأول] أكثر منه فى غيره ، نحو أحت وبنت ، ولو لا أداؤها لشىء من معنى التأنيث لم تبدل من الواو فى الآخر ، فلما كثر إبدال التاء من الواو فى الأول واجتمع معه فى نحو أوتعد واوتصل داع إلى قلبها مطلقا ، صار قلبها تاء لازما مطردا ، وذلك الداعى إلى مطلق القلب حصول التخالف فى تصاريفه بالواو والياء لو لم يقلب ، إذ كنت تقول : ايتصل ، وفيما لم يسم فاعله اوتصل ، وفى المضارع واسم الفاعل والمفعول يوتصل موتصل موتصل ، وفى الأمر ايتصل ، فلما حصل هذا الداعى إلى مطلق قلبها إلى حرف جلد لا يتغير فى الأحوال ـ وللواو
__________________
مثال فوعل ، والحمل على الكثير أولى ، وذهب قوم منهم أبو العباس المبرد إلى أن توراة تفعلة ـ بكسر العين ـ وأصلها تورية مصدر ورى ـ بالتضعيف ـ ثم نقلت حركة الياء إلى ما قبلها ثم قلبت الياء ألفا على لغة طيىء الذين يقولون : باداة وناصاة وجاراة وتوصاة فى بادية وناصية وجارية وتوصية ؛ فصار توراة والاشتقاق عندهم كالاشتقاق عند الفريق الأول ، إلا أن فعل هذا مضعف العين ، وضعف النحاة هذا المذهب بأن تفعلة فى الأسماء قليل ؛ وأنت لو تدبرت ما ذكرناه لعلمت أن أبا العباس لم يحمله على القليل ؛ إذ القليل إنما هو تفعلة من الأسماء ، فأما المصادر فأكثر من أن يبلغها الحصر ، وهذا الوزن قياس مطرد فى مصدر فعل المضعف العين المعتل اللام كالتزكية والتعزية والتوصية ومهموز اللام كالتجزئة والتهنئة ، ويأتى قليلا فى صحيح اللام نحو التقدمة ، ومن القليل فى الأسماء التدورة وهو المكان المستدير تحيط به الجبال والتتوبة وهى اسم بمعنى التوبة ، ولو لا ما فيه من قلب الياء ألفا اكتفاء بجزء العلة لكان مذهبا قويا
(١) انظر فى الكلام على هاتين الكلمتين (ج ١ ص ٢٢١)