مع كونه خلاف الأصل إنما كان حملا على الثلاثى المعل ، ولا ثلاثى معلا ههنا ، كما بينا ، ومثله فى إتباع لفظ لفظا آخر فى التصحيح تنبيها على كونه تابعا له فى معناه قولهم : اجتوروا واعتوروا (١) واعتونوا ، بمعنى تجاوروا وتعاوروا وتعاونوا ، وإن لم يقصد فى افتعل معنى تفاعل أعللته ، نحو ارتاد (٢) واختان (٣) ولما لم يعلّ عور وحول لما ذكرنا لم يعل فرعاه أيضا نحو أعور واستعور ، وقد يعل باب فعل من العيوب نحو قوله : ـ
١٣٨ ـ *أعارت عينه أم لم تعارا* (٤)
__________________
قولهم : اصيد البعير ، إذا اصابه داء فى رأسه فيخرج من أنفه مثل الزبد فيرفع رأسه عند ذلك.
(١) يقال : اعتور القوم الشىء ، وتعوروه ، وتعاوروه ، إذا تداولوه بينهم.
(٢) ارتاد الشىء وراده : طلبه فى موضعه.
(٣) اختان : خان ، قال الله تعالى (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ). واعلم أن افتعل من الأجوف إما أن تكون عينه ياء أو واوا ، فان كانت عينه ياء أعل : سواء أكان بمعنى التفاعل نحو استافوا وابتاعوا وامتازوا ، أم لم يكن نحو امتار الرجل واكتال واصطاد. وإن كانت عينه واوا : فان كان بمعنى التفاعل صحت عينه نحو ما ذكره المؤلف من الأمثلة ، وإن لم يكن بمعنى التفاعل أعلت عينه نحو اشتار العسل وارتاد واختال ، فاذا علمت هذا تبين لك أن ما ذكره المؤلف من التفصيل خاص بواوى العين.
(٤) هذا عجز بيت من الوافر ، وصدره قوله :
*وربّت سائل عنّى حفىّ*
وهو لعمرو بن أحمر الباهلى ، و «ربت» هى رب الدالة على التقليل أو التكثير وألحق بها التاء لتأنيث اللفظ ، والحفى : المبادر فى السؤال المستقصى له ، وفى التنزيل العزيز (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها). وقوله «أعارت عينه» هو بالعين المهملة وهو محل الاستشهاد بالبيت على أنه قد يعل باب فعل ـ بكسر العين ـ من العيوب