ويجوز ـ أيضا ـ جعل «ما» بمعنى «الّذى» واسم «كان» ضميرها.
وعطية : مبتدأ خبره : «عودا».
والتقدير : بالذى كان إياهم عطية عوده ؛ فحذف الهاء ، ونواها.
وأجاز ابن بابشاذ (١) تقديم معمول الخبر ، إذا تأخر الاسم وتوسط الخبر نحو : «كان الماء يشرب زيد».
وهو ممنوع عند سيبويه كمنع التقديم مع توسط الاسم وتأخير الخبر.
وفى كلام ابن عصفور (٢) فى «شرح الجمل» ما يوهم أن الأكثرين على تجويز نحو : «كان الماء يشرب زيد».
وليس بصحيح ؛ لأن سيبويه لم يفرق فى المنع بين : «كان الماء زيد يشرب» ، وبين : «كان الماء يشرب زيد».
وينبغى أن تعلم أن مثل هذا التقديم ممنوع فى غير هذا الباب كمنعه فيه.
فلو قيل : «جاء عمرا يضرب زيد» لم يجز.
كما لا يجوز : «كان الماء يشرب زيد» ؛ لأن سبب المنع إيلاء الفعل معمول غيره ، فلا يختص بفعل دون فعل.
وفى قولى :
والمنع ـ مطلقا ـ حر بالنّصرة |
|
... |
إشعار بذلك.
ولو كان المعمول ظرفا ، أو جارّا ومجرورا جاز تقديمه ـ مطلقا ـ بلا خلاف نحو : «كان يوم الجمعة زيد معتكفا» ، و «كان فى المسجد عمرو مصلّيا» ؛ لأن الظرف والجار والمجرور يتوسع بهما فى الكلام توسعا لا يكون لغيرهما.
__________________
(١) هو طاهر بن أحمد بن بابشاذ بن داود بن إبراهيم أبو الحسن النحوى المصرى ، أحد الأئمة فى النحو ، والعربية وفصاحة اللسان ، رحل فى طلب العلم إلى العراق ، ثم رجع إلى مصر ، وكانت له حلقة اشتغال بجامع مصر ، من تصانيفه : شرح جمل الزجاجى ، المحتسب فى النحو ، شرح النخبة ، تعليق فى النحو. توفى سنة أربع وخمسين ، وقيل : تسع وستين وأربعمائة.
ينظر : بغية الوعاة (٢ / ١٧).
(٢) هو على بن مؤمن بن محمد بن على ، أبو الحسن بن عصفور النحوى الحضرمى الإشبيلى ، حامل لواء العربية فى زمانه بالأندلس ، أقبل عليه الطلبة ، وله تصانيف منها : الممتع فى التصريف ، المقرب ، شرح الجزولية ، مختصر المحتسب ، شرح الجمل (ثلاثة شروح). مات سنة ٦٦٣ ، وقيل ٦٦٩ ه. ينظر : بغية الوعاة (٢ / ٢١٠).