والاستعلاء بـ «فى» ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] وكقول عنترة : [من الكامل]
بطل كأنّ ثيابه فى سرحة |
|
يحذى نعال السّبت ليس بتوأم (١) |
ومثله قول الآخر : [من الطويل]
ولو لا اتّقاء الله بقياى فيكم |
|
للمتكم لوما أحرّ من الجمر (٢) |
فيكم بمعنى : عليكم. و «بقياى» : بدل من «اتّقاء الله» ، ومعنى «البقيا» هنا : الإبقاء.
وكونها للمصاحبة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) [القصص : ٧٩].
وكونها لما يناسب الاستعانة كقوله ـ تعالى ـ : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) [الشورى : ١١] ، أى : يكثركم به ؛ كذا قال الفراء (٣).
ومثال الباء المعدية قوله ـ تعالى ـ : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) [البقرة : ١٧].
ومثال ورودها للاستعانة قولك : «كتبت بالقلم».
ومثال ورودها للإلصاق قولك : «وصلت هذا بهذا».
ومثال كونها بمعنى «من» التبعيضية قول عمر بن أبى ربيعة المخزومى (٤) : [من الكامل]
فلثمت فاها آخذا بقرونها |
|
شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج (٥) |
__________________
(١) البيت فى ديوانه ص ٢١٢ ، وأدب الكاتب ص ٥٠٦ ، والأزهية ص ٢٦٧ ، وجمهرة اللغة ص ٥١٢ ، ١٣١٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٨٥ ، ٤٩٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٧٩ ، والمنصف ٣ / ١٧ ، وبلا نسبة فى الخصائص ٢ / ٣١٢ ، ورصف المبانى ص ٣٨٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٩٢ ، وشرح المفصل ٨ / ٢١ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٦٩.
(٢) البيت لعبد الله بن عتبة فى مجالس ثعلب ١ / ١٧١.
(٣) قال الفراء : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) معنى فيه : به ، والله أعلم. ينظر : معانى القرآن : (٣ / ٧٩).
(٤) هو : عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة المخزومى القرشى ، أبو الخطاب : أرق شعراء عصره ، من طبقة جرير والفرزدق ، ولم يكن فى قريش أشعر منه ، ولد سنة ٢٣ ه فى الليلة التى توفى فيها عمر بن الخطاب فسمى باسمه. غزا فى البحر فاحترقت السفينة به وبمن معه فمات فيها غرقا سنة ٩٣ ه.
ينظر : الأعلام (٥ / ٥٢) ، الإصابة ت (٥٧٤٢) ، خلاصة تهذيب الكمال (٢٤٠) ، وفيات الأعيان (١ / ٣٥٣) ، الأغانى (١ / ٦١) ، الشعر والشعراء (٢١٦).
(٥) الحشرج : النقرة فى الجبل يصفو فيها الماء. (القاموس ـ حشرج).
والبيت فى ملحق ديوانه ص ٤٨٨ ، والأغانى ١ / ١٨٤ ، وجمهرة اللغة ص ١١٣٣ ،