فنبهت بذلك على مثل قول عبد الله بن رواحة ـ رضى الله عنه ـ : [من الوافر]
فلا وأبى لنأتيها جميعا |
|
ولو كانت بها عرب وروم (١) |
كأنه قال : فلا ندعها ، ثم قال : وأبى لنأتيها جميعا ، وفيه شاهد على الاستغناء باللام عن نون التوكيد.
وقيل فى «لا» من قوله ـ تعالى ـ : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) [الواقعة : ٧٥] ، وشبهه : إنها نفى لقول الكافرين المخالف (٢) لما أقسم عليه ؛ فحذف المنفى وبقى حرف النفى كما يفعل فى الجواب.
وقيل : «لا» زائدة للتوكيد ، ولا يمنع من ذلك التقديم ؛ لأن ما قبل وما بعد فى حكم جملة واحدة.
ثم نبهت على أن فعل القسم ، قد ينوب عنه لفظ القسم ، واليمين ، والألية ، والقضاء ، واليقين ، والحق ، وغير ذلك :
فمن نيابة لفظ القسم قول الشاعر : [من الكامل]
قسما لأصطبرن على ما سمتنى |
|
ما لم تسومى هجرة وصدودا (٣) |
ومن نيابة اليمين قول زهير : [من الطويل]
يمينا لنعم السّيّدان وجدتما |
|
على كلّ حال من سحيل (٤) ومبرم (٥) |
ومن نيابة «أليّة» قول رجل من طيىء إسلامى : [من البسيط]
أليّة ليحيقن بالمسىء ـ إذا |
|
ما حوسب النّاس طرّا سوء ما عملا (٦) |
ومن نيابة «القضاء» ما حكى ثعلب عن بعض من يثق به : أن العرب تنصب قضاء الله ، وتجعله قسما.
ومن نيابة «اليقين» ما أنشده أبو على من قول الشاعر : [من الخفيف]
__________________
(١) البيت فى ديوانه ص ١٠٣ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٣٢ ، ولسان العرب ، (أوب) ، ومعجم ما استعجم ص ١١٧٣ (مؤتة) ، وبلا نسبة فى مغنى اللبيب ٢ / ٦٤٣.
(٢) فى أ: المخالفين.
(٣) ينظر شرح التسهيل ٣ / ١٩٨ ، والمساعد ٢ / ٣٠٤.
(٤) السحيل : الخيط الذى فتل فتلا رخوا. (المقاييس ـ سحل).
(٥) البيت فى ديوانه ص ١٤ ، والأشباه والنظائر ٨ / ٢١٠ ، وجمهرة اللغة ص ٥٣٤ ، وخزانة الأدب ٣ / ٦ ، ٩ / ٣٨٧ ، والدرر ٤ / ٢٢٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٧٩٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٢ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٩ / ٣٩٠.
(٦) ينظر شرح التسهيل ٣ / ١٩٨ ، والمساعد ٢ / ٣٠٤.