يختص بالأسماء ، بل يلحق الحرف والفعل.
وحكى أبو عبيدة ، عن أبى زيد أنه يقال : «جير لا أفعل» ، قال : معناها «نعم».
ومن شواهد كونها بمعنى «نعم» قول الشاعر : [من الوافر]
متى تبأى (١) بقومك فى معدّ |
|
تقل تصديقك العلماء جير (٢) |
وأنشد صاحب المحكم (٣) : [من الرجز]
قالت : أراك هاربا للجور |
|
من هدّة السّلطان قلت : جير (٤) |
وقال الفراء (٥) : «لا جرم أنّهم» : كلمة كانت فى الأصل ـ والله أعلم ـ بمنزلة «لا بد أنك قائم» ، و «لا محالة أنك ذاهب». فجرت على ذلك ، وكثر استعمالهم إياها حتى صارت بمنزلة «حقّا» ؛ ألا ترى أن العرب تقول : «لا جرم لآتينّك» ، و «لا جرم لقد أحسنت» ، وجعل المفسرون تفسيرها : «حقا إنهم فى الآخرة هم الأخسرون» (٦) ،
__________________
(١) البأو : العجب. (المقاييس ـ بأو).
(٢) البيت بلا نسبة فى لسان العرب (بأى) ، وتهذيب اللغة ١٥ / ٦٠٠ ، وجمهرة اللغة ص ٤٦٩.
(٣) هو على بن أحمد بن سيده ، اللغوى النحوى الأندلسى أبو الحسن الضرير ، كان حافظا ، لم يكن فى زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب متوفرا على علوم الحكمة ، من تصانيفه : المحكم والمحيط الأعظم فى اللغة ، شرح إصلاح المنطق ، شرح الحماسة. وغيرها. مات سنة ٤٥٨ ه.
ينظر : بغية الوعاة (٢ / ١٤٣).
(٤) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (جير) ، وتاج العروس (جير).
(٥) ينظر : معانى القرآن : للفراء : ٢ / ٩٥٨.
قال ابن الشجرى : واختلف فى قوله جل وعز : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) فقال الفراء :
معناه لا بد ولا محالة أن لهم النار.
وقال الزجاج : إن (لا) رد ، أى لا ، ليس الأمر كما وصفوا ، جرم أن لهم النار ، أى وجب ، حكى ذلك عن قطرب.
وقال غيرهما : إن «لا» زائدة ، وجرم فعل ماض معناه : ثبت وحق.
وأقول : إن قوله : لا جرم إذا كان بمعنى لا بد ولا محالة ؛ فإن صرف الجر مقدر فى الخبر ، فالتقدير : لا بد من أن لهم النار ولا محالة فى أن لهم النار ، كما تقول : لا بد من هذا ، ولا محالة فى هذا. الأمالى : (٢ / ٥٢٩ ، ٥٣٠).
(٦) قال أبو جعفر فى تفسير هذه الآية : حقا إن هؤلاء الذين هذه صفتهم فى الدنيا وفى الآخرة هم الأخسرون الذين قد باعوا منازلهم من الجنان ... وأن العرب كثر استعمالها إياه فى مواضع الأيمان ، وفى مواضع «لا بد» كقولهم : «لا جرم أنك ذاهب» بمعنى : (لا بد) حتى استعملوا ذلك فى مواضع التحقيق ، فقالوا : «لا جرم لتقومن» بمعنى : «حقا لتقومن» ...
ينظر : تفسير الطبرى (٧ / ٢٤ ، ٢٥).