وإنما ذكر سيبويه هذا البيت شاهدا على أن «فاعلا» قد يعدل به إلى «فعيل» و «فعل» على سبيل المبالغة.
كما يعدل به إلى «فعول» و «فعّال» و «مفعال».
فذكر هذا البيت لاشتماله على «كليل» المعدول به عن «كالّ» وعلى «عمل» للعدل به عن «عامل».
ولم يتعرض لوقوع الإعمال ، وإنما حجته فى إعمال «فعيل» قول بعض العرب : «إن الله سميع دعاء من دعاه» رواه بعض الثقات.
ومن حججه قول الشاعر : [من الطويل]
فتاتان أمّا منهما فشبيهة |
|
هلالا وأخرى منهما تشبه البدرا (١) |
فأعمل «شبيهة» أنثى «شبيه» مع كونه من «أشبه» كـ «نذير» من «أنذر».
وإذا ثبت إعمال «فعيل» من «أفعل» مع قلة نظائره فإعمال «فعيل» من الثلاثى أولى لكثرته.
وأنشد سيبويه (٢) مستشهدا على إعمال «فعل» قول الشاعر : [من الكامل]
حذر أمورا لا تضير وآمن |
|
ما ليس منجيه من الأقدار (٣) |
وروى عن المازنى : أن اللاحقى قال : سألنى سيبويه عن شاهد فى تعدى «فعل» فعملت له هذا البيت.
وينسب مثل هذا القول ـ أيضا ـ إلى ابن المقفع.
والاختلاف فى تسمية هذا الشاعر المدعى يشعر بأنها رواية موضوعة ووقوع مثل هذا مستبعد ؛ فإن سيبويه لم يكن ليحتج بشاهد لا يثق بانتسابه إلى من يثق بقوله.
وإنما يحمل القدح فى البيت المذكور على أنه من وضع الحاسدين وتقول المتعنتين.
__________________
(١) البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات فى المقاصد النحوية ٣ / ٥٤٢ ، ولم أقع عليه فى ديوانه ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٣٤٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٨٠.
(٢) ينظر : الكتاب (١ / ١١٤).
(٣) البيت لأبان اللاحقى فى خزانة الأدب ٨ / ١٦٩ ، ولأبى يحيى اللاحقى فى المقاصد النحوية ٣ / ٥٤٣ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٨ / ١٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٠٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٤٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٢٤ ، وشرح المفصل ٦ / ٧١ ، ٧٣ ، والكتاب ١ / ١١٣ ، ولسان العرب (حذر) ، والمقتضب ٢ / ١١٦.