والتقدير نحو : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) [النجم : ٩] و (إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧].
فلو جيء بالواو فى مثل هذا من الكلام لم يختلف المعنى.
ولذلك قرأ بعض القراء (١) : وارسلنه إلى مائة ألف ويزيدون [الصافات : ١٤٧] ـ بالواو ـ.
ومن مواضع تعاقب «أو» والواو : التقسيم كقول الشاعر : [من الطويل]
وننصر مولانا ونعلم أنّه |
|
ـ كما النّاس ـ مجروم عليه وجارم (٢) |
أى : بعضهم مجروم عليه ، وبعضهم جارم ، أو منهم مجروم عليه ، ومنهم جارم ، فلو جيء بـ «أو» لجاز ، وكان التقدير : الملقى منهم مجروم عليه أو جارم.
ومثل هذا البيت قول الآخر : [من الطويل]
فقالوا لنا : ثنتان لا بدّ منهما |
|
صدور رماح أشرعت أو سلاسل (٣) |
فلو جيء بالواو هنا لكان جائزا ، ولكان أوفق لقوله : «ثنتان لا بدّ منهما» إلا أنه يسامح لوضوح المعنى.
و «إمّا» المسبوقة بمثلها ، عاطفة عند أكثر النحويين.
ومذهب ابن كيسان ، وأبى على : أن العاطف إنما هو الواو التى قبلها ، وهى جائية لمعنى من المعانى المفادة بـ : «أو».
وبقولهما أقول فى ذلك تخلصا من دخول عاطف على عاطف.
ولأن وقوعها بعد الواو مسبوقة بمثلها شبيه بوقوع «لا» بعد الواو مسبوقة بمثلها فى مثل : «لا زيد ولا عمرو فيها». و «لا» هذه غير عاطفة بإجماع ، فلتكن «إمّا» مثلها ؛ إلحاقا للنظير بالنظير ، وعملا بمقتضى الأولوية.
وذلك أن «لا» قبل مقارنة الواو صالحة للعطفية بإجماع ، ومع ذلك حكم بعدم عطفيتها عند مقارنتها ، فلأن يحكم بعدم عطفية «إمّا» عند مقارنة الواو أحق وأولى ،
__________________
(١) ينظر : المحتسب (٢ / ٢٢٦) ، الكشاف (٣ / ١٣٥٤).
(٢) تقدم تخريج هذا البيت.
(٣) البيت لجعفر بن علبة الحارثى فى الدرر ٦ / ١١٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٤٥ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٠٣ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٤٦٤ ، ومغنى اللبيب ١ / ٦٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٤.