وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١] ـ بخفض الأرحام ـ.
وهى ـ أيضا ـ قراءة ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ والحسن البصرى ومجاهد (١) ، وقتادة (٢) ، والنخعى (٣) ، والأعمش (٤) ، ويحيى بن وثاب (٥) ، وأبى رزين (٦).
__________________
جواز ذلك أنه قال : «حدّثنى شريك بن عبد الله عن الأعمش عن إبراهيم قال : «والأرحام».
بخفض الأرحام. هو كقولهم : و «أسألك بالله والرحم» قال : «وهذا قبيح» ؛ لأنّ العرب لا تردّ مخفوضا على مخفوض قد كنى عنه».
والثانى : أنه ليس معطوفا على الضمير المجرور بل الواو للقسم ، وهو خفض بحرف القسم مقسم به ، وجواب القسم : «إنّ الله كان عليكم رقيبا». وضعّف هذا بوجهين :
أحدهما : أن قراءتى النصب وإظهار حرف الجر فى «بالأرحام» يمنعان من ذلك ، والأصل توافق القراءات.
والثانى : أنه نهى أن يحلف بغير الله تعالى ، والأحاديث مصرحة بذلك.
وقدّر بعضهم مضافا فرارا من ذلك ، فقال : «تقديره : وربّ الأرحام» قال أبو البقاء :
وهذا قد أغنى عنه ما قبله» يعنى : الحلف بالله تعالى.
ولقائل أن يقول : «إنّ لله تعالى أن يقسم بما شاء كما أقسم بمخلوقاته كالشمس والنجم والليل ، وإن كنا نحن منهيين عن ذلك» ، إلا أنّ المقصود من حيث المعنى ليس على القسم ، فالأولى حمل هذه القراءة على العطف على الضمير ، ولا التفات إلى طعن من طعن فيها ، وحمزة بالرتبة السّنيّة المانعة له من نقل قراءة ضعيفة.
وقرأ عبد الله أيضا : «والأرحام» رفعا وهو على الابتداء ، والخبر محذوف ، فقدّره ابن عطية : «أهل أن توصل» ، وقدّره الزمخشرى : و «الأرحام ممّا يتقى ، أو : مما يتساءل به» ، وهذا أحسن ؛ للدلالة اللفظية والمعنوية ، بخلاف الأول ؛ فإنه للدلالة المعنوية فقط ، وقدّره أبو البقاء : «والأرحام محترمة» أى : واجب حرمتها.
ينظر : الدر المصون (٢ / ٢٩٦ ، ٢٩٧).
(١) هو مجاهد بن جبر ، أبو الحجاج المكى ، تابعى مفسر ، شيخ القراء والمفسرين ، أخذ التفسير عن ابن عباس ، قرأه عليه ثلاث مرات ، تنقل فى الأسفار ثم استقر بالكوفة ، وكان لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب إليها. يقال : إنه مات ساجدا سنة (١٠٤ ه). وله «تفسير مجاهد».
ينظر : الأعلام (٥ / ٢٧٨) ، غاية النهاية (٢ / ٤١) ، وسير أعلام النبلاء (٤ / ٤٤٩).
(٢) هو قتادة بن دعابة بن قتادة بن عزيز ، أبو الخطاب السدوسى البصرى ، مفسر ، حافظ ، قال الإمام أحمد بن حنبل : قتادة أحفظ أهل البصرة ، كان ضريرا أكمه ، وكان رأسا فى العربية وأيام العرب والنسب ، ومات بـ «واسط» فى الطاعون سنة ١١٨ ه.
ينظر : الأعلام (٥ / ١٨٩) ، تذكرة الحفاظ (١ / ١١٥).
(٣) هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود ، أبو عمران النخعى ، من أكابر التابعين صلاحا وصدق رواية ، وحفظا للحديث ، من أهل الكوفة ، كان إماما مجتهدا له مذهب ، ولما بلغ الشعبى موته ، قال : والله ما ترك بعده مثله ، مات سنة ٩٦ ه.
ينظر : الأعلام (١ / ٨٠) ، وحلية الأولياء (٤ / ٢١٩) ، طبقات ابن سعد (٦ / ١٨٨).
(٤) هو سليمان بن مهران الأسدى بالولاء ، أبو محمد الأعمش ، كان عالما بالقرآن والحديث ـ