أبعدت سليمان فائق عن بغداد نقلته محاسبا إلى البصرة ، وخابرت فهد بك خفية ، فعزمت أن تحيل الالتزام إليه بترك بعض المحلات وبزيادة في البدل ، فإذا أمكن ذلك رجحته على غيره ، وأعطته المشيخة ..
كان توجيه المشيخة بهذه الصورة لم يخل من شغب ، وحدوث غوائل مقصودة ، وأن أعوان ناصر باشا ومنصور باشا لم يتركوا الأمر. وإنما أثاروا زعزعة ، وهاجموا المحل ، ولكن الشيخ فهد استمد الحكومة بعد أن قبل الالتزام فذهب لإمداده طابور مشاة من العمارة مع مدافع صغيرة ، أرسلت لمساعدته من طريق النهر بواسطة الباخرة ، فوصلت على عجل ، وبرزت القوة للمقابلة فوجهت الحكومة المدافع عليها وأطلقت بضع طلقات فرقت بها شملهم دون أن تحتاج إلى الرمي بالبنادق ..
اهتمت الحكومة للأمر ، وأرادت أن يستقر فهد بك في المشيخة والالتزام ، فأرسل قائممقام لواء الحلة شبلي بك كتيبة من الخيالة ، ومقدارا من المشاة ، فذهب الخيالة برا ، والمشاة ركبوا السفن الصغيرة ، ومضوا نهرا ، فقام العشائر في وجههم فلم يطيقوا صبرا على حربهم وأن المقدم قام بحركة مغايرة لفن الحرب فاختل جيشه ، وتبعثر ، فلم ينج إلا القليل وقتل المقدم وضباطه .. ولما سمع شبلي بك بالخبر لم يقدر على الذهاب بمن معه من الخيالة إلى الأمام فاضطر إلى العودة ..
هذا وقد عزمت الحكومة على تأديب هؤلاء وتثبيت فهد بك فعينت حافظ باشا رئيس أركان الحرب للفيلق السادس ، وأرسلت معه فرقة ، فكانت ضربته قوية وقاسية ، فلم يأمن منصور بك من البقاء هناك ، فأعيد مع حافظ باشا والجيوش العثمانية وخصص راتب إلى ناصر بك ، وأمر بالإقامة في بغداد وكان دخول حافظ باشا بقوة السلاح. شتت العشائر بسهولة ، ولم يظهر من يقف في وجه الحكومة فصارت لها هيبة وخشية في النفوس.