قال الأستاذ سليمان فائق : وكان الأولى بالحكومة آنئذ أن تتخذ مركزا مناسبا ومن السهل حينئذ أن تقلب المشيخة إلى قائممقامية ، بل عادت العساكر ، فأضاعت هذه الفرصة السانحة ..!! وتأسف كثيرا إذ لم يستطع الجيش أن يرابط مدة ، ولا اتخذ محلا عسكريا ، أو بلدا قريبا يقيم فيه .. في حين أن الجيش سار لمهمة ، وليس من صالحه أن يلغي المشيخة أو يحولها إلى قائممقامية ، وكانت الحكومة جربت هذا التدبير كما أنها ليس لها من القدرة ما يكفي للبقاء هناك ، وهي قليلة ، فإذا كان العربان فروا من وجهها لأمد قصير فلا تستطيع الدوام.
ونلاحظ هنا أن كل هذه التدابير سواء نجحت أو خذلت كانت غايتها إزعاج عشائر آمنة وأن تتقاضى الحكومة بواسطة رؤسائها معينا سنويا لاحق لها به إذ لم تقم بخدمة تستحقها ، ولا أفادت بشيء ..
والذي فرط عقد الجماعة فصل ناصر باشا من اتفاق المتفقين ، فأدى إلى أن يتفرق القوم ، ولم يكن ذلك لخدمة الحكومة ، وإنما أراد أن يتقدم عند الوالي وينال مكانة .. وأما منصور بك فإنه لم يبق له ملجأ ، رأى أن قد زاد نفوذ الحكومة ، وقويت سلطتها. ضبطت أملاكه تجاه ديون الحكومة فأصابها ضنك شديد ، وضيق كبير .. ولكن الحكومة أرادت أن لا يستقل فهد بك في الأمر ، ثم يتمنع عليها من الطريق الذي سلكه أولئك ، قربت منصور بك إليها تعديلا للكلفة ، واحتفاظا باطراد الموازنة .. فلم يخف ذلك على فهد بك.
رأت الحكومة أن التسامح مع شيخ المنتفق فهد بك لم يقف عند حد ، فركنت إلى تقريب منصور بك ، وبهذا راعت الموازنة في مثل هذه الأحوال. فأوعزت إلى الأستاذ سليمان فائق بخصوص تقريبه ، فأظهر أنه مراعاة للحقوق القديمة ، وتوسط الوجوه والأعيان في البصرة .. وجد الضرورة ماسة لإنقاذه من هذا المأزق الحرج .. لما كان أنقذه الموما