الخرص في البصرة
إن مدحت باشا كان قد ذهب إلى البصرة ، واتصل بأهليها ، وعرف ما يجري من رسوم النخيل ، وهي أكثر موارد رزقهم .. فوجد أن الحكومة كانت تجري التخمين على النخيل ، بواسطة خرّاصين وهؤلاء يضرون هذا وينفعون ذاك ، وبهذه تجري مظالم كثيرة ، وأن الحكومة لا تنتفع الانتفاع الصحيح أيضا ، فيكون في ذلك ضرر عام.
وهذه الطريقة حادثة ، جرت عليها الحكومة ، ولا يدرى زمن اعتبارها في حين أن الدولة الإسلامية الأولى من أيام عمر رضي الله عنه كانت تجري في نخيل البصرة على الجريب يقدر نخيله في مواطن متعددة ويحسب ما يستحقه أغلبيا وتقدر قيمته .. الأمر الذي يسهل على الناس ، وهو سريع جدّا ، ويصح أن تعين المساحة قبل الحاصل وأن مدحت باشا قد ذاكر الأهلين فأبدوا له مطالعاتهم ، فوافق على الجريب .. بعد مراجعة أهل الخبرة .. فكانت هذه الطريقة أسلم من غيرها ، وليس فيها غدر على أحد.
ومن ثم صارت تؤخذ رسومات أميرية عن كل دونم ١٥ قرشا سنويا ، وألغي (الخرص) .. فكانت تؤخذ مساحة الكل ، ولا يترك من الأراضي ما هو غير مغروس ، وإنما كانت الأرض الخالية داخلة في الحساب مما دعا الناس أن يغرسوا مواطن الخلل أو ما يتحمله الدونم أو الجريب. غرسوا الأراضي الخالية ، فلم تمض مدة حتى قام الأهلون بمهمة الغرس ، ونشطوا للعمل ..
وكانت واردات البصرة سنويا ٤٨ حملا من النقود ، فبلغت بعد سنتين (٧٠) حملا وتجاوزت ذلك فانتفع الميري أكثر مما كان مأمولا وجرى الأمر بانتظام وضبط تامّين ..
أما بعض المحال الأخرى البعيدة أو المنقطعة عن العمران فإنه