بنحو ثلاثين خيالا من الجبور الذين لا يزالون في حالة العصيان على الحكومة قد عاد متنكرا إلى الحلة ، ومعه مضبطة تنبىء بأن قائد الفرقة العسكرية وجميع الأمراء والضباط قد تحقق لهم أن الثوار لا يزال يتكاثر عددهم ، ويحملون السلاح الصالح للاستعمال ، فلم يجدوا نفعا في الحرب معهم ، كما أن انصرافهم للزراعة أولى من سفك الدماء وتعطيل الأعمال الزراعية ، فرأوا أن الصلح مع هؤلاء أولى حتى يحين الوقت المرهون ، فأجرى ذلك معهم ..
أما طاهر بك فإنه بيّن شفاها أن إجراء ذلك ، وعقد الصلح ، وإعطاء العربان تأمينات رهائن وتقديم الفريق بيورلدي (أمرا ساميا) مع المصحف الشريف مربوطا به مما يكسر هيبة الجيش ، ويمحو شوكة الحكومة وسطوتها ، وسوف يؤثر هذا في جميع الخطة العراقية لا في ذلك الموطن وأهليه وحدهم ، فتخرج الإدارة من يد الحكومة ، وتكون العاقبة وخيمة جدا ..
ذلك ما دعا مدحت باشا أن يرسل تحسين أفندي مرافقه الرئيس الأول الذي بمعيته كما تعهد هو بأن يقطع المسافة البالغة ١٤ ساعة في ثلاث ساعات ويخرق صفوف العشائر فتعهد أن يصل إلى الفرقة ، فكتب مدحت باشا معه كتابا في لزوم خروج سامح باشا ونصب أحمد باشا أمير اللواء مكانه ، ومما كتبه إليه أن يلغي المضبطة ويجعلها كأن لم تكن وأن مدحت باشا متهيىء للسفر إلى ناحيته بنفسه ومعه فوج من الجند ، وهو في طريقه على الفرات عازما الوصول إلى الدغارة .. ومن ثم فسخ أحمد باشا المقاولة المعقودة مع الثوار ، وأبقى فوجين من الجند في الديوانية وما بقي من الجيش خرق صفوف العشائر بما عنده من العساكر وجاء إلى صدر الدغارة التي ذكر مدحت باشا أنه يصلها ..
أما مدحت باشا فإنه بما عنده من الجند وهم نحو ثلاثمائة ، وما