قدر أن يجمعه من الأفراد المبعثرين هناك ، أبلغ ذلك فوجا ، وفي اليوم التالي خرج من الحلة ، وتحرك نحو الموقع الذي عينه لأحمد باشا فجاء إلى صدر الدغارة وهو منتصف الطريق ما بين الحلة والديوانية ومن ثم اجتمع الجيشان هناك ..
وكان أمل الوزير أن يقطع المياه من المرور في شط الكار الذي يخرج من الجهة الشرقية من الفرات ويمضي في سهول واطئة حتى يصل إلى شط الحي فيعود إلى الفرات ، ويتكوّن منه في طريقه أهوار بمسافات بعيدة ويعتز أو يحتمي بالعشائر في اليبس فيما بينها ، ولا تصل إلى مواطنهم هذه مرميات المدافع ، ولا يستطيع الجيش اجتيازها لأنها ليست عميقة فتستعمل الزوارق مما يعطل الوصول إليهم .. فرأى أن يعمل سدا فيقطع المياه ليحصل يبس في الأرض .. فحطّ الجيش هناك بصورة منظمة .. ومعهم خيالة المنتفق مع ناصر باشا.
وهناك تجمعت العشائر وصارت تضارب الجيش إلا أن بنادقهم لا تصل إلى مواطن العسكر ، وأن الجيش كان يضربهم بالمدافع ، فيقتل منهم الكثير .. وفي الأثناء باشر بالعمل ، وأن أهل الهندية كانوا عارفين في عمل السد ، تعهدوا بسده بسهولة لمدة قدّرت باثني عشر يوما .. وأن العشائر أحاطت بالجيش ثلاثة أيام ، فصاروا يطلقون الرصاص إلا أن طلقات المدافع والبنادق دمرت فيهم كثيرا ، ولم يتضرر العسكر وفي هذه الأثناء جاء شيخ الجبور وهو الشيخ خليل (١) فطلب الأمان ، والدخالة ومعه ألفان من الخيالة ، فاتخذ له محلّا مناسبا خارج العسكر ، وفي ليلة هاجم خيالة المنتفق على حين غرة وأوقع بهم الأضرار ، إلا أن العساكر
__________________
(١) الآن رئيس جبور الواوي الحاج مخيف بن كتاب بن خليل المذكور. وهو نائب في هذه السنة. وكذا عبد الحسن بن مراد ابن الشيخ خليل. ويعرفون بـ (الجوازرية). عشائر العراق ج ٣ ص ٨٨.