كانوا في نفرة منهم .. وإن تسلطهم على هذه القبائل دعا إلى ذلك ..
ومن جملة ما قاله : إن الظلم أفسد أوضاعهم ، وبسبب الترف ذهبت فروسيتهم وإن الجور نفّر منهم عشائرهم ، ولو أرسل إليهم فوجان من الجند المسلحين بالأسلحة الجديدة لما استطاعوا الوقوف وولّوا الأدبار ، ولكانوا لجأوا إلى الدخالة والاستيمان .. وذلك لا شائبة فيه ..
هذا ما بيّنه ، وكان لا يرضى إلا بالقضاء عليهم ولو طلبوا الاستيمان .. أما الوالي فلم يجبه على قوله ، واختار السكوت. لم ينبس ببنت شفة ..!
ومن ثم أدرك الأستاذ سليمان فائق ـ كما قال ـ خطأه في قوله للوزير إن المعضلة تتم بقوة السلاح ، وندم .. لأنّ الوالي قد شاهد عشائر الخزاعل والحلة ، ويعتقد أن المنتفق يبلغون مائة ضعف أكثر من الخزاعل ، وأن أوضاع مدحت باشا بالنظر لمعارضيه في دار السلطنة حرجة جدا. يترقبون أن يرتكب غلطة أو هفوة أمثال هذه لتفتح طريقا لتقولاتهم فكان يتباعد عن القيل والقال ، ويتجنّب ما يدعو للخطر ، فالتزم حالة الهدوء والطمأنينة فلم يشأ أن يحرّك ساكنا ، ولم يكن له ميل إلى استعمال القوة ..
ذلك ما اضطره أن يراعي الحكمة ، ويروج مقاصد المنتفق ، ولم ير بدّا أن يعلن عدوله عن إفراز المواطن الكثيرة ، فنال ناصر باشا في هذه المرة أيضا أغراضه ومقاصده .. ودعا إلى أن تقف التشكيلات الإدارية التي عزمت عليها الحكومة .. وأقول إن تجنب الحوادث من مدحت باشا لم يكن إلا بأمل أن لا يشوش على المنتفق فتفسد عليه الخزاعل وأنحاء الديوانية ، ويضيع الكل من يده ، وأنه له مصالح بالمنتفق من أعظمها (قضية نجد) ...
إن أوضاع الأستاذ سليمان فائق هذه لم ترض المنتفق وكان