يصارح بها الوزراء ، فكانت الوحشة بينه وبين الأمراء تعد السبب في تخديش أفكار الوالي عليه. أفهموه أنه سوف لا يدع الإدارة تستقر على حالة بل يزعج الحكومة في إيقاع الفتن وإثارة الزعازع. أرادوا التخلص منه فاختلفوا عليه ما اختلقوا استعانة باليهودي المذكور وبمحاسب البصرة ، لتهدأ الحالة.
هذا. ومن ثم نعلم نوايا الحكومة ، وأوضاع الأهلين ، ونزعة الأستاذ سليمان فائق. وبذلك ندرك ما نال المنتفق من العناء والشقاء فتجاوز حده ، نرى الحكومة في كل بضع سنوات تزيد في بدلات الالتزام ، وتقتطع جملة من الأراضي أو تعيدها ، فتكون الضرائب مضاعفة ، الأمر الذي دعا أن تميل جملة من العشائر إلى إيران ، والأمراء في انزعاج كبير بين إلغاء المشيخة أو إبقائها ..
ومن هنا نشأ الاضطراب وارتباك الحالة وما تكبدته الحكومة من وقائع وكلفات باهظة وأضرار كبيرة فلم تسلك الطريق السوي في الإصلاح .. وغالب الأشخاص من يهود وغيرهم يصطادون من تعكر الحالة ، ويلعبون أدوارهم ، والموظفون لا يخلون من استفادة بل هم بيت القصيد ، والغرض مصروف إلى جهات إرضائهم .. وهناك الأضرار في النفوس ، وفي الأموال ..
وهذا هو سوء الإدارة ، وارتباك أمورها وكثرة مشاغلها في غوائل ، والأمر ليس كما يتصور الأستاذ سليمان فائق من أمر القضاء على مشيخة المنتفق وأنه من السهولة بمكانة ، لم يتوسع أكثر ، ولذا عدّ كل مخالفة لرغبته هذه جريرة.
كانت تعترض الدولة عقبات ، وإلا فالمعرفة بأحوال المنتفق لا تكفي ، فالحكومة أعرف بوضعها العام ، فلا تطوّح نفسها في أخطاء غير مأمولة النجاح ، والمغامرة مقامرة ، وقضية المنتفق شغلت تاريخ هذه الحقبة فلا تزال مضطربة ..