خلاف بينهم في جواز إعمال أيّ الفعلين شئت؟ خلافا للفراء في بعض المسائل ، ولكن ما المختار؟ فاختار البصريون (١) الثاني والكوفيون الأول (٢) وبعض النحاة سوّى بين المذهبين ، حجة البصريين السماع والقياس.
أما السماع ، فآيات وأبيات أما الآيات فقوله تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً)(٣) فلو أعمل الأول لقال أفرغه ، وقوله : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)(٤) فلو أعمل الأول لقال يفتيكم فيها في الكلالة.
و (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(٥) فلو أعمل الأول لقال : اقرؤوه. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا)(٦) فلو أعمل الأول لقال : كذبوا بها بآياتنا و (تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ)(٧) فلو أعمل الأول يستغفر لكم إلى رسول الله ، إلى غير ذلك من الآيات ، وأما الأبيات قوله :
__________________
(١) ينظر شرح المصنف ٢١ ، شرح الرضي ١ / ٧٩ ، وشرح المفصل ١ / ٧٧ وما بعدها ، والإنصاف ١ / ٨٣ وما بعدها مسألة ١٣ [القول في أولى العاملين بالعمل في التنازع] ، وينظر رأي الفراء في تذكرة النحاة ٣٤٤.
(٢) ينظر شرح المصنف ٢١ ـ ٢٢ ، وشرح الرضي ١ / ٧٩.
(٣) الكهف ١٨ / ٩٦.
(٤) النساء ٤ / ١٧٦ ، وتمامها : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ ... وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.)
الكلالة : مصدر من تكلله النسب أي أحاط به. والكلالة : من القرابة ما خلا الوالد والولد ، قال الفراء : وهو في حديث جابر عند مسلم ، فكل من مات ولا والد له ولا ولد فهو كلالة ورثته ، وكل إرث ليس بوالد للميت ولا ولد فهو كلالة موروثة ، وهذا مشتق من جهة العربية موافق للتنزيل والسنة ، ينظر اللسان مادة كلل ، وتفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن ٢ / ١٦٤٦ وما بعدها. وتفسير البحر المحيط ٣ / ٤٢٢.
(٥) الحاقة ٦٩ / ١٩ وتمامها : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ.)
(٦) التغابن ٦٤ / ١٠ ، وتمامها : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.)
(٧) المنافقون ٦٣ / ٥ وتمامها : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ