والمصاحبة والتمييز ، والاستثناء منه بخلاف الأول ، فإنه يستدعيها.
فإن قيل فيلزم إقامة الحال مقامه لاستدعاء الفعل له ، بل لا بد لكل فعل منه ، وجوابه أن قلة مجيئها في الكلام منعها من النيابة ، وفي كلام الشيخ تفصيل ، وهو أن تقول : المفعول به الصريح إن كان أن يتعدى بحرف جر ، نحو (اخترت الرجال عمرا) فمذهب الجمهور لا تصح إقامته مع وجود ما أصله المتعدي بنفسه ، وحكمه حكم المتعدي بحرف ظاهر ، والظرف والمصدر ، وقال بعضهم : لا فرق بينهما ، فتقيم أيهما شئت مقام الفاعل ، وإن كان أصله التعدي بنفسه ، فمذهب البصريين (١) لا يجوز إقامة شيء منها مع وجوده ، لاستدعاء الفعل له استدعاء مفيدا ، بخلاف سائرها ، فإنه وإن استدعاه فليس بمفيد ، وقال الكوفيون والأخفش : (٢) إن إقامته بالأولية لا الوجوب لمجيئه ، واحتجوا بقوله تعالى : (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٣) وبقوله عزّ وعلا : (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٨٤ ، وشرح شذور الذهب ١٨٩ وما بعدها ، شرح ابن عقيل ١ / ٥٠٩ ، والهمع ٢ / ٢٦٩ ، حيث أثبتوا رأي البصريين.
(٢) ينظر شرح ابن عقيل ١ / ٥٠٩ وما بعدها. قال ابن مالك في شرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٧١٦ (وأجاز ابن السراج نيابة المنوي وأجاز الأخفش نيابة الظرف الذي لا يتصرف نحو أن تقول : جلس عندك ، ومذهبه في هذه المسألة ضعيف ، وأجاز هو والكوفيون نيابة غير المفعول به مع وجوده ، وبقولهم أقول : إذ لا مانع من ذلك مع أنه وارد عن العرب).
(٣) الجاثية ٤٥ / ١٤ وتمامها : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ (لِيَجْزِيَ) قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ.)
قراءة العامة ليجزي بالياء على معنى ليجزي الله ، وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر (لنجزي) بالنون على التعظيم. وقرأ أبو جعفر والأعرج وشيبة ليجزى بياء مضمومة وفتح الزاي على الفعل المجهول وقوما بالنصب ، قال الكسائي : معناه ليجزى الجزاء قوما (ينظر تفسير القرطبي سورة الجاثية ٧ / ٥٩٨٢ ، والسبعة في القراءات ٥٩٤ ـ ٥٩٥ ، والحجة في القراءات لابن زنجلة ٦٦٠ ، والنشر ٢ / ٣٧٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٥.