ك (يا طالعا جبلا) و (يا ضاربا زيدا) وإنما لم يجز حذفه مع اسم الجنس (١) ، لأن قولك (يا رجل) أصله (يا أيهذا الرجل) و (يا أيها الرجل) فحذف الألف واللام اشتغناء عنها بـ (يا) وحذفت أي واسم الإشارة ، لأنه إنما أتى بهما وصلة إلى ما فيه الألف واللام ، وقد زال المتوصل إليه ، فلا حاجة إلى التوصل فبقي (يا رجل) فكرهوا أن يحذفوا حرف النداء ، فبخلوا بحذف أشياء كثيرة ، في العلم المضاف إلى معرفة و (أي) لم يحذف إلا حرف النداء فقط ، ورجع فيها التعريف بخلاف (رجل) فإنه بعد الحذف لا تعريف فيه ، فأدى إلى بقائه فيها. قوله : (والإشارة) يعني كذلك لا يجوز حذف حرف النداء معها ، لا تقول : (هذا) ، لئلا يلتبس بالمبتدأ ، ولزوال التعريف ، فإن قيل إنه يرجع إلى ما كان من قبل ، وهو تعريف الإشارة ، فجوابه : أن تعريف الإشارة مبهم ، وتعريف النداء قصد ، فاختلف التعريفان ، قوله : (والمستغاث والمندوب) يعني لا تقول : (زيدا) بحذف حرف النداء ، لأن المراد بهما التطويل ، والجواز ، ولهذا زيد في آخرهما ألف ، ولم يرخما ، فلو حذفت حرف النداء تنافى معناهما ، وأما الكوفيون (٢) فأجازوا حذف حرف النداء من المنادى مطلقا ، واحتجوا بقوله تعالى في الإشارة : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ)(٣) وفي الجنس يقول النبي صلّى الله عليه وعلى آله : «اشتدي أزمة تنفرجي» (٤).
__________________
(١) ينظر شرح المصنف ٣٤ ، وشرح الرضي ١ / ١٥٩.
(٢) ينظر رأي الكوفيين في شرح الرضي ١ / ١٦٠. وقال ابن مالك في ألفيته مشيرا إلى هذا :
وذلك في اسم الجنس والمشار له قلّ ومن يمنعه فانصر عاذله.
(٣) آل عمران ٣ / ١١٩ ، وتمامها : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ.)
(٤) ينظر الجامع الصغير ١ / ٤٢ ، وكنز العمال ٣ / ٢٧٤ ، وقد صاغها الشيخ يوسف التوزي شعرا ـ وجعلها صدرا لبيت وعجزه هو :
قد آذن ليلك بالبلج
ينظر الدرر ١ / ١٤٩.