قوله : (ينصب بفعل يفسره ما بعده) يعني أن كل واحد من معمولات هذه الأقسام ينصب بفعل يفسره ما بعده ، فإن أمكن تقدير مثل الفعل المذكور موافقا له في المعنى الخاص والتعدي كان أولى (١) نحو : زيدا ضربته ، فإنك تقول : (ضربت زيدا ضربته) ، فضربت المقدر وافق المفسر في المعنى الخاص والتعدي ، وإن لم يمكن فمعناه الخاص دون التعدي على كلام المصنف (٢) نحو (تجاوزت زيدا) في قولك (زيدا مررت به) فإن معنى المجاوزة والمرور واحد ، والتعدي مختلف ، فالمقدر متعد بنفسه ، والمفسر بحرف جر ، وإن لم يكن ، فالتعدي والمعنى العام ، نحو (أهنت زيدا) في (زيدا ضربت غلامه) ، فإن المقدر وافق المفسر في المعنى العام ، وهو أن من ضرب غلامه فقد أهين ، دون المعنى الخاص ، لأنه ليس نفسه الضرب الواقع في الغلام في زيد ، وإن لم يمكن المعنى الخاص ولا المتعدي ، فالمعنى العام نحو (لا بست زيدا في زيد حبست عليه) فإن التعدي في المقدر بنفسه ، وفي المفسر بحرف وبين الفعلين معنى عام وهو أن سبب الحبس الملابسة والمخالطة وتقدير هذه الأفعال مذهب البصريين ، ومذهب الكوفيين (٣) ، أن العامل في المفعول المقدم الفعل الموجود ، وإنما جاز أن يعمل في الظاهر والمضمر في حالة واحدة ، لأن الضمير في المعنى هو الظاهر ، وتكون فائدة تسليطه على المضمر بعد الظاهر المقدم ، كالتأكيد لإيقاع الفعل ، ولا يقال : إن الضمير من أي التوابع الخمسة ، لأن إعرابه وإعراب الظاهر يختلف ، والتابع يجب موافقته للمتبوع في
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٦٩.
(٢) ينظر شرح المصنف ٣٥.
(٣) ينظر شرح المفصل ٢ / ٣٠.