بعدها ، فإن قيل العامل في المستثنى ما قبل ((إلا)) بواسطتها فيلزم في (غير) أن تعمل في نفسها بواسطة نفسها ، أجيب بأن فيها إبهاما فأشبهت الظروف وروائح الأفعال تعمل فيه.
قوله : (وغير صفة حملت على إلا في الاستثناء) (١) أصل غير المغايرة ، التي هي خلاف المماثلة ، وتكون في الذات حقيقة ، نحو : (مررت برجل غير زيد) ، وفي الصفة مجازا نحو : (دخل بوجه غير الذي خرج به) وإنما حملت على (إلا) لأن ما بعد كل واحد منهما مخالف لما قبله.
قوله : (وك [ما](٢) وحملت (إلا) عليها في الصفة) الأصل في (إلا) الاستثناء لأن الحروف أصل في المعاني من الأسماء ، ووصفيتها فرع لأجل الشبه والأصل في (غير) الصفة ، لأنها اسم يفيد معنى ، والحرف لا يوصف به لعدم الفائدة ، والاستثناء بـ (غير) أكثر من الوصف بـ (إلا) لأن الأسماء أوسع مجالا ، ولهذا لم يشترط في الاستثناء بـ (غير) شرط ، وشرط في الوصف بـ (إلا) (٣) شروط.
الأول قوله : (إذا كانت تابعة) يحترز من أن لا يكون المتبوع مذكورا فلا يجوز (قام إلا زيد) بحذف الموصوف وإقامة (إلا) مقامه ، كما جاز في (غير) نحو : (قام غير زيد) لضعفها.
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٤٥ قال الرضي : (أعلم أن أصل ((غير)) الصفة المفيدة لمغايرة مجرورها لموصوفها إما بالذات نحو : مررت برجل غير زيد ، وإما بالصفات نحو قولك : دخلت بوجه غير الوجه الذي خرجت به ، والأصل هو الأول ، والثاني مجاز فإن الوجه الذي تبين فيه أثر الغضب غير الوجه الذي لا يكون فيه ذلك بالذات.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.
(٣) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٤٦.