الثاني قوله : (لجمع) يحترز من أن تتبع مفردا نحو : (ما جاءني من رجل إلا زيد) و (جاءني زيد إلا عمرو) لأنها تفيد المغايرة.
الثالث قوله : (منكور) يحترز أن يكون معرفا نحو (جاءني القوم إلا زيدا) لأنها نكرة لا تتعرف (١).
الرابع قوله : (غير محصور) يحترز من أن يكون محصورا نحو (عندي عشرة إلا درهم) لأنها للمغايرة ، والمغايرة غير محصورة على شيء معين فلا يوصف المحصور بغير المحصور ، ويعني : (بتعذر الاستثناء) المتصل لا المنقطع ، فإذا اجتمعت هذه الشروط كانت صفة ، نحو (عندي رجالا إلا زيد) قال تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(٢) فهي تابعة لجمع وهو آلهة ، ورجال منكور غير محصور وإنما تعذر الاستثناء في هذه لأن المستثنى منه نكرة ، والمستثنى معرفة ، وهو لا يصح أن يكون متصلا لأن من شروط المتصل أن يدخل المستثنى لو سكت عنه ، وهذا غير داخل ، ولو قدرنا صحته من النكرة أدى إلى تعدد آلهة ، والله مستثنى منهم ، قال سيبويه : لا يصح هنا إلا الوصف ، ولا يصح البدل لأنه لا يجوز إلا في الموجب حيث يصح الاستثناء (٣) ، وأيضا المعنى في الآية يتغير ، لأن المبدل منه في نية الطرح ، فيصير لو كان فيهما الله لفسدتا ، أو الله فيهما ففسدتا ، وأجاز المبرد (٤) رفع الله على البدل لأنه يجيزه بعد (لو) و (لولا) كأداة
__________________
(١) قال الرضي في ١ / ٢٤٦ : وشرط كون الجمع منكرا لأنه إذا كان معرفا نحو : جاءني الرجال أو القوم إلا زيدا ، احتمل أن يراد به استغراق الجنس فيصح الاستثناء ، واحتمل أن يشار به إلى جماعة تعرف المخاطب أن فيهم زيدا ، فلا يتعذر أيضا من الاستثناء فاختير كونه منكرا غير محصور. لئلا يتحقق دخول ما بعد إلا فيضطر السامع على حمل إلا على غير الاستثناء.
(٢) الأنبياء ٢١ / ٢٢ ، وينظر تخريج الآية في شرح الرضي ١ / ٢٤٧ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٩ ، وتفسير القرآن للقرطبي ٥ / ٤٣١٩ ، وفتح القدير للشوكاني ٣ / ٤٠٢ والكتاب ٢ / ٣٣١ ـ ٣٣١ ، والمقتضب ٤ / ٤٠٨ ، ومعاني الفراء ٢ / ٢٠٠.
(٣) ينظر الكتاب ٢ / ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٧.
(٤) ينظر المقتضب ٣ / ٣٦ ، وشرح الرضي ١ / ٢٤٧.