ولوجود الدلالة على المحذوف ، لأن تقديره إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير. حذف (كان) مع اسمها جائز كثير ، والخبر مع فاء الجزاء كثير أيضا ، وأما العكس ، فتقديره (إن كان في عمله خير كان جزاؤه خيرا) فحذف من الأول (كان) والخبر وهو قليل. ومن الثاني كان واسمها ، وأما نصبهما فتقديره إن كان عمله خيرا كان جزاؤه خير فضعفه كثرة الحذف في الجملتين ، وقوته أن حذف (كان) واسمها كثير ، وأما رفعهما فتقديره إن كان في عمله خير فجزاؤه خير فحذف في الأول (كان واسمها) كثيرا ، لأن إن شرطية تدل على الفعل ، والفعل يدل على فاعله ، وأما فاء الجزاء فلأنها جواب الشرط ، وجواب الشرط لا يكون إلا جملة ، فالفاء دخلت على المبتدأ مثل قولك : (أما زيد فقائم) أي فهو قائم.
قوله : (ويجب الحذف في مثل أما أنت منطلقا انطلقت) أي لأن كنت أي يجب حذف (كان) بعد أن المصدرية معوضا منها (١) (ما) نحو قوله (أما أنت منطلقا) قال :
[٢٦٨] أبا خراشة ، أما أنت ذا نفر |
|
فإن قومي لم تأكلّهم الضّبع (٢) |
__________________
(١) هذه العبارة من شرح الرضي وهي من قوله : أي إلى منها دون أن يعزوها له ، ينظر ١ / ٢٥٣.
(٢) البيت من البسيط وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ١٢٨ ولجرير في ديوانه ١ / ٣٤٩ ، وينظر الكتاب ١ / ٢٩٣ ، والخصائص ١ / ٣٨١ ، والإنصاف ١ / ٧١ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٤١١ ـ ٤٤٢ ، وشرح المفصل ٢ / ٩٩ ، ٨ / ١٣٢ ، وشرح التسهيل السفر الأول ٢ / ٣٩٩ ، وشرح المصنف ٤٨ ، وشرح الرضي ١ / ٢٥٣ ، ورصف المباني ١٨٣ ، ٢٧٧ ، والجنى الداني ٥٢٨ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٢٩٧ ، ومغني اللبيب ٥٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١١٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠٦ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٣ ـ ١٤ ـ ١٧ ... ـ والشاهد فيه قوله : (أما أنت ذا نفر) حيث حذف كان التي ترفع الاسم وتنصب الخبر وعوض عنها ما الزائدة وأدغمها في أن المصدرية وأبقى اسم كان وهو الضمير المنفصل والخبر ذا نفر. وأصل الكلام عند البصريين فخرت علي لأن كنت ذا نفر ، وهذا ما ذهب إليه الشارح وأثبته في المثال الذي سبق الشاهد. و (ينظر الإنصاف ١ / ٧١ وما بعدها).