قوله : (أكد بمنفصل) وهو ما اجتمعت فيه هذه الشروط نحو (قمت أنت ونفسك) و (زيد خرج هو ونفسه) وإنما أكد بمنفصل لأنه لما اتصل بالفعل صار كالجزء منه ، فكما لا يعطف عليه إلا بتوكيد كذلك لا يؤكد إلا بتأكيد ، وإنما اختص النفس والعين بهذا الحكم لإلباسهما بالفاعل في بعض المواضع لكثرة مباشرتها له ، نحو (هند خرجت نفسها) و (خرجت عينها) (١) فيتوهم أنها ماتت أو عورت ، لأنهما يستعملان في غير التأكيد ، كالمبتدأ والخبر والفاعل والمفعول والمجرور تقول : (نفسي طيبة) و (عيني حسنة) و (الكلام في نفسي) و (الحسن في عيني) و (طابت نفسي) و (حسنت عيني) و (قتلت نفسي) و (أعورت عيني) (٢) بخلاف (كل) و (أجمعين) فإنها لا تكون إلا توكيدا ، ولا تلي العوامل إلا نادرا وقد استعمل (كل) مبتدأة لما كان العامل معنويا (٣).
قوله : (وأكتع وأخواه وهما (أبتع) و (أبصع) اتباع ل أجمع) يعني في الترتيب ، تقول (اشتريت العبد أجمع اكتع أبتع أبصع) ولا معاني لها ، بل هي كقولهم (حسن بسن) و (جائع بائع) و (سلطان ليطان) في أنها لا معنى لها سوى سجع الكلام وتأكيده ، وقيل : (أكتع) مأخوذ من قولهم : عام
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٣٦. قال الرضي : (اعلم أنك لو أردت الجمع بين ألفاظ التوكيد المعنوي قدمت النفس ثم العين ثم الكل ثم أجمعين ثم أخواته من أكتعين إلى أبتعين ، أما تقديم النفس والعين على الكل فلأن الإحاطة صفة للنفس ومعنى فيها فتقديم النفس على صفتها أولى) انته كلامه.
(٢) قال الرضي : (وأما تقديم النفس على العين فلأن النفس لفظ موضوع لماهيتها حقيقة ولفظ العين مستعار لها مجازا من الجارحة المخصوصة كالوجه في قوله تعالى : ((كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، أي ذاته) ينظر شرح الرضي ١ / ٣٣٦.
(٣) كأن تأتي مبتدأ ، لأن العامل فيه معنوي على رأي البصريين.