وقال صاحب البرود : (١) أقرب ما يحدّبة : علم يتعرّف به التغيرات العربية الواقعة على الكلم لفظا أو تقديرا ، فاحترز بالتغيرات العربية عن غير العربي كنصب الفاعل ورفع المفعول وبقوله (الواقعة على الكلم) من معرفة الكلم ومعانيها وهو اللغة ، ودخل في معرفة التغيرات ، البناء على حركة أو سكون وإن كان لا يتبدل ، لأنه لا يعرف مواضع التغيير إلا وقد عرف ما لا يتغير.
وأما الكلمة فهي مفرد الكلم مثل تمرة وتمر لأن الكلم لم يستعمل إلا فيما
فوق الاثنين بخلاف تمرة ، فإن يستعمل في الواحد والاثنين والجمع ، وفيها ثلاث لغات بوزن نبقة لأهل الحجاز وهي أقواها ، وبوزن سدرة ، وبوزن تمرة وهي أضعفها ، ولها حقيقتان : لغوية واصطلاحية :
أما اللغوية : فتستعمل حقيقة ومجازا ، والحقيقة إطلاقها على كل واحد من الاسم والفعل والحرف.
والمجاز في معان ثلاثة : يعبر بها عن القصيدة ، كقول العرب : أفصح كلمة قالها لبيد :
[١] ألا كلّ شىء ماخلا الله باطل |
|
وكلّ نعيم لا محالة زائل (٢) |
__________________
(١) صاحب البرود هو ، والد المؤلف الشارح ، وله شرح على الكافية المسمى : (البرود الضافية والعقود الصافية شرح الكافية) وهو علي بن محمد بن أبي القاسم المتوفى ٨٣٧ ه ومنه نسخة في الامبروزيانا في إيطاليا برقم ٦٩ / ٣٧٩ ينظر مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن عبد الله الحبشي ، وقد عرّفه الشارح لهذا الكتاب في مقدمته المثبته في بداية النجم الثاقب شرح كافية ابن الحاجب.
(٢) البيت من الطويل ، وهو للبيد بن رييعة العامري الشاعر المخضرم ـ الصحابي في ـ ديوانه ٢٥٦ ، ينظر الخزانة ٤ / ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، والمغني ١٧٦ ، وشرح شذور الذهب ٢٨٢ ، واللسان مادة (رجز) ٣ / ١٥٨٨.
الشاهد فيه : قوله : (ماخلا الله) حيث نصب اسم الجلالة بعد ماخلا ـ حيث دلل على أن الاسم الواقع بعد ماخلا يكون منصوبا ، مفعولا به. وما مصدرية ولا يكون بعدها إلا فعل وفاعلها واجب الاستتار أما إذا كانت (ما) زائدة فإن ما بعد (خلا) اسم مجرور بـ (خلا) التي هي في هذه الحال حرف جر مثل حاشا ، والشاهد الثاني فيه توسط المستثنى بين جزأي الكلام ـ وهو قوله ما خلا الله حيث وقعت بين المبتدأ وخبره والتقدير ألا كل شيء باطل ما خلا الله.