الثاني : أن الحد يطرد وينعكس والخاصّة تطرد ولا تنعكس ، وحقيقة الطرد أن تأتي بالحد إلى جانب (كل) ، وتخبر بالمحدود أخيرا. فتقول : كل ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة فهو اسم ، وحقيقة العكس أن تأتي بالحد إلى جانب كل ، وتخبر بالمحدود أخيرا فنقول : كل اسم فهو دالّ على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة هذه حقيقة المنطقين ، والنحويون يعكسون ذلك ، فتقول : في الخاصة كل ما دخله الألف واللام فهو اسم ، فهذا اطراد (١) ولا يصح العكس لأن كثيرا من الأسماء لا تدخله الألف واللام ، كالضمائر والأعلام وخواص الاسم على ضربين : لفظية ومعنوية ، فاللفظية : اللام والجر بحرف والتنوين ، والمعنوية : الإسناد إليه والإضافة (٢).
قوله : (دخول اللام) وكان الأولى أن يقول : حرف التعريف ليدخل (أل) وإنما اختص بالاسم ، فلأنه محكوم عليه بالإخبار عنه ، ولا يحكم على الشيء إلا بعد معرفته ، والأفعال أحكام يخبر بها ، وحق الخبر أن يكون مجهولا ليفيد المخاطب فلم يقبل التعريف ، وقد شذ دخول اللام على الفعل نحو قول الشاعر :
[٨] ما أنت بالحكم الترضى حكومته |
|
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل (٣) |
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ١ / ١٣ ، وشرح المفصل ١ / ٢٥. وما بعدها.
(٢) وهذا ما ذهب إليه شارح المفصل ابن يعيش في ١ / ٢٤ حيث قال : (وإنما قال حرف التعريف ولم يقل حرف الألف واللام على عادة النحويين لوجهين أحدهما أن الحرف عند سيبويه اللام وحدها والهمزة دخلت توصلا إلى النطق بالساكن وعند الخليل أن التعريف بالألف واللام جميعا وهما حرف واحد مركب من حرفين).
(٣) البيت للفرزدق وهو من البسيط ، ينظر اللسان مادة (أمس) ١ / ٣٠ ، والإنصاف مسألة في علة بناء الآن ٢ / ٥٢١. شرح شذور الذهب ٤٠. والرصف ١٦٢ ـ ٢٢٥ ، والجنى ٢٠٢ ، والهمع ١ / ٢٤٩.
والشاهد فيه : دخول (أل) الموصولة على الفعل المضارع وهذا خلاف القاعدة بأن (أل) مختصة بالاسم ولذلك عدّ بيت الفرزدق هذا شاذا لا يقاس عليه ويروى ولا البليغ بدل الأصيل.