اعتورته (١) الرماح ، إذا تداولته ، ويريد بالمعاني الفاعلية والمفعولية والإضافة ، واحترز بقوله (ليدل على المعاني) من المحكي والفعل المعرب اختلافه لا يدل على المعاني المعتورة عليه على كلام البصريين ، وقد اختلف البصريون والكوفيون في أصالة الإعراب في الأسماء والأفعال ، فعند البصريين : أنه أصل في الأسماء (٢) وفرع في الأفعال ، لأنه يدل في الأسماء على المعاني المختلفة مثل قولك (ما أحسن زيدا) في التعجب ، و (ما أحسن زيد) في النفي ، و (ما أحسن زيد)؟ في الاستفهام ، فلولا اختلاف الإعراب لما فهمت تلك المعاني ، بخلاف الأفعال ، فإن الإعراب لا يدل فيها على معنى ، ألا ترى أن المعاني المختلفة فيها تشترك في الإعراب الواحد كالأمر ، والنهي والإثبات والنفي والحال والاستقبال والخبر والاستخبار ، نحو : (ليقم زيد) و (لا يقم) و (يقوم زيد) و (ما يقوم) ، و (ويقوم زيد) و (سيقوم) ، و (يقوم زيد) و (هل يقوم)؟ وإنما تفترق المعاني في الفعل اختلاف الصيغ أو بقرينة أخرى ، كالمضارع الصالح للحال والاستقبال ، ولا يصح هذا الاشتراك في إعراب الأسماء ، وما اشتراك المنصوب والمجرور في باب المثنى والمجموع ومالا ينصرف وجمع المؤنث السالم (مأمون) جانبيهما واتفاق ، وعند الكوفيين أن الإعراب أصل في الأفعال كأصالته في الأسماء (٣) دال على معان مختلفة
__________________
(١) ينظر اللسان مادة (عور) ٥ / ٣١٦٨.
(٢) ينظر الرضي ١ / ٢٣ حيث قال أن أصل الأسماء الإعراب فما وجدت فيها مبنيا فاطلب لبنائه علة. والرضي يقول برأي البصريين ، وهذا ما ذهب إليه الزمخشري في المفصل ١٦ وابن يعيش في شرحه ١ / ٤٩ ، وشرح ابن عقيل ١ / ٣٧ حيث ذكر رأي البصريين والكوفيين في ذلك ، وشرح التسهيل السفر الأول ، ١ / ٤٢.
(٣) ينظر شرح ابن عقيل ١ / ٣٧ وما بعدها.