كدلالته في الأسماء ، واحتجوا بقولهم (لا تأكل السمك وتشرب اللبن) بالرفع والنصب والجزم في تشرب ، فالرفع نهي عن الجمع بينهما في الفم لأن الواو للحال.
والنصب نهي عن الجمع بينهما في البطن ؛ لأن الواو تقدر بعدها أن ، والجزم نهي عن فعل كل واحد منهما مجتمعين ومفترقين ، لأن النهي يقتضي التكرار.
وأجاب البصريون (١) بأن اختلاف المعاني في الأفعال بتقدير صيغ مختلفة ، لا بالإعراب ، إذ لو كان بالإعراب لاتفقت المسائل لفظا أو تقديرا.
والتقدير هاهنا مختلف ، ألا ترى في هذه المسألة : أن النصب بتقدير (أن) والجزم بتقدير (لا) الناهية ، والرفع على المبتدأ ، لأن الواوي للحال لتعدد العطف ، وواو الحال لا تدخل على المضارع المثبت ، فتعين حينئذ تقدير مبتدأ ، وهذه صيغ متغايرة دالة على تلك المعاني.
قوله : (وأنواعه رفع ونصب وجر) مذهب الأصوليين أن النوع أعمّ من الجنس (٢) ، والنحاة والفقهاء عكسوا ، وإنما لم يذكر الجزم مع أنه من أنواع الإعراب ، لأنه [و ٦] هاهنا ذكر أحوال الاسم والجزم من أحوال
__________________
(١) ينظر شرح التسهيل لابن مالك السفر الأول ٢ / ٩٧١ ـ ٩٧٤ حيث وافق الشارح ما ذهب إليه ابن مالك في إفادة الرفع والنصب والجزم معاني معينة ذكرها ابن مالك. قال :
ـ المعنى المراد من النصب : النهي عن الجمع بينهما فيجوز أكل كل واحد على حده.
ـ والمعنى المراد من الرفع على إضمار مبتدأ محذوف تقديره : أنت تشرب ، أي في حال شرب اللبن ، والواو هنا للحال.
ـ المعنى في الجزم النهي عن كل من الفعلين جميعا.
(٢) جاء في اللسان مادة (نوع) ٦ / ٤٥٧٦ ، النوع أخص من الجنس. وقال في مادة (جنس) والجنس أعم من النوع وما ذكره صاحب اللسان هو رأي النحاة كما ذكر.