ومعلوم أنه ليس لأكثر الطهر حد معلوم ولأكثر الحيض مقدار معلوم فوجب أن يستوفى لها أكثر الحيض ويكون بقية الشهر طهرا لأنه ليس مقدار من الطهر في بقية الشهر بالاعتبار أولى من غيره فوجب أن يكون المعتبر من الطهر لبقية الشهر هو الذي يبقى بعد أكثر الحيض ألا ترى أنك إذا نقصت الحيض من العشرة احتجت أن تزيد ما نقصته منها في الطهر وليس زيادة الطهر بأن يكون خمسة أو ستة فوجب أن يعتبر أكثر الحيض ويجعل الباقي من الشهر طهرا ويدل على وجوب استيفاء حيضة وطهر في الشهر لهذه المبتدأة قوله صلّى الله عليه وسلّم لحمنة تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء في كل شهر فأخبر أن عادة النساء في كل شهر حيضة وطهر* فإن قيل فهلا اعتبرت لها ستا أو* سبعا كما قال صلّى الله عليه وسلّم* قيل له لم نقل ذلك لوجوه أحدها أنا لا نعلم أحدا من أهل العلم قال ذلك في المبتدأة والثاني أن هذه كانت عادة المرأة المخاطبة بذلك أعنى ستا أو سبعا فلا يعتبر بها غيرها فاستدلالنا من الخبر بما وصفنا صحيح لأنا أردنا إثبات الحيضة والطهر في الشهر في المتعارف المعتاد وأما قول من قال أنها تقعد مثل حيض نسائها فلا معنى له لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يرد المستحاضة إلى وقت نسائها وإنما رد واحدة إلى عادتها فقال تقعد أيام إقرائها وأمر أخرى أن تقعد في علم الله ستا أو سبعا وأمر أخرى أن تغتسل لكل صلاة ولم يقل لواحدة منهن اقعدي أيام نسائك وأيضا فإن أيام نسائها والأجنبيات ومن كان دون سنها وفوقها سواء وقد يتفقن في السن مع اختلاف عاداتهن في الحيض فليس لنسائها في ذلك خصوصية دون غيرهن* وقد تنازع أهل العلم في قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَ) فمن الناس من يقول أن انقطاع الدم يوجب إباحة وطئها ولم يفرقوا في ذلك بين أقل الحيض وأكثره ومنهم من لا يجوز وطأها إلا بعد الاغتسال في أقل الحيض وأكثره وهو مذهب الشافعى وقال أصحابنا إذا انقطع دمها وأيامها دون العشرة فهي في حكم الحائض حتى تغتسل : إذا كانت واجدة للماء أو يمضى عليها وقت الصلاة فإذا كان أحد هذين خرجت من الحيض وحل لزوجها وطؤها وانقضت عدتها إن كانت آخر حيضة وإذا كانت أيامها عشرة ارتفع حكم الحيض بمضى العشرة وتكون حينئذ بمنزلة امرأة جنب في إباحة وطء الزوج وانقضاء العدة وغير ذلك.
واحتج من أباح وطأها في سائر الأحوال عند مضى أيام حيضها وانقطاع دمها قبل