من قبل رجل واحد إذا قامت عليهما البينة ولم يعلم تاريخهما فيحكم بوقوعهما معا فكذلك هذان الخبران وجب الحكم بهما معا إذ لم يثبت لهما تاريخ فلم يثبت الحكم إلا مقرونا بالزيادة المذكورة فيه والوجه الآخر أنه قد ثبت أن الشارع قد ذكر الزيادة وأثبتها وأمر باعتبارها بقوله مره فليدعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلقها إن شاء لورودها من طرق صحيحة فإذا كانت ثابتة في وقت واحتمل أن تكون منسوخة بالخبر الذي فيه حذف الزيادة واحتمل أن تكون غير منسوخة لم يجز لنا إثبات النسخ بالاحتمال ووجب بقاء حكم الزيادة ولما ثبت ذلك وأمر الشارع صلّى الله عليه وسلّم بالفصل بين التطليقة الموقعة في الحيض وبين الأخرى التي أمره بإيقاعها بحيضة ولم يبح له إيقاعها في الطهر الذي يلي الحيضة ثبت إيجاب الفصل بين كل تطليقتين بحيضة وأنه غير جائز له الجمع بينهما في طهر واحد لأنه صلّى الله عليه وسلّم كما أمره بإيقاعها في الطهر ونهاه عنها في الحيض فقد أمره أيضا بأن لا يواقعها في الطهر الذي يلي الحيضة التي طلقها فيه ولا فرق بينهما* فإن قيل قد روى عن أبى حنيفة أنه إذا طلقها ثم راجعها في ذلك الطهر جاز له إيقاع تطليقة أخرى في ذلك الطهر فقد خالف بذلك ما أردت تأكيده من الزيادة المذكورة في الخبر* قيل له ذكرنا هذه المسألة في الأصول ومنعه من إيقاع التطليقة الثانية في ذلك الطهر وإن راجعها حتى يفصل بينهما بحيضة وهذا هو الصحيح والرواية الأخرى غير معمول عليها وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في النهى عن إيقاع الثلاث مجموعة بما لا مساغ للتأويل فيه وهو ما حدثنا ابن قانع قال حدثنا محمد بن شاذان الجوهري قال حدثنا معلى بن منصور قال حدثنا سعيد بن زريق أن عطاء الخراساني حدثهم عن الحسن قال حدثنا عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرئين الباقيين فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال يا ابن عمر ما هكذا أمرك الله إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء فأمرنى رسول الله فراجعتها وقال إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك فقلت يا رسول الله أرأيت لو كنت طلقتها ثلاثا أكان لي أن أراجعها قال لا كانت تبين وتكون معصية فأخبر صلّى الله عليه وسلّم نصا في هذا الحديث بكون الثلاث معصية* فإن قيل لما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في سائر أخبار ابن عمر حين ذكر الطهر الذي هو وقت لإيقاع طلاق السنة ثم ليطلقها إن شاء ولم يخصص ثلاثا مما دونها كان ذلك إطلاقا للاثنتين والثلاث معا قيل