فغير مانع صحة وقوعه لما دللنا عليه فيما سلف ومع ذلك فإن الله جعل الظهار منكرا من القول وزورا وحكم مع ذلك بصحة وقوعه فكونه عاصيا لا يمنع لزوم حكمه والإنسان عاص لله في ردته عن الإسلام ولم يمنع عصيانه من لزوم حكمه وفراق امرأته وقد نهاه الله عن مراجعتها ضرارا بقوله تعالى (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) فلو راجعها وهو يريد ضرارها لثبت حكمها وصحت رجعته وأما الفرق بينه وبين الوكيل فهو أن الوكيل إنما يطلق لغيره وعنه يعبر وليس يطلق لنفسه ولا يملك ما يوقعه ألا ترى أنه لا يتعلق به شيء من حقوق الطلاق وأحكامه فلما لم يكن مالكا لما يوقعه وإنما يصح إيقاعه لغيره من جهة الأمر إذ كانت أحكامه تتعلق بالأمر دونه لم يقع متى خالف الأمر وأما الزوج فهو مالك الطلاق وبه تتعلق أحكامه وليس يوقع لغيره فوجب أن يقع من حيث كان مالكا للثلاث وارتكاب النهى في طلاقه غير مانع وقوعه كما وصفنا في الظهار والرجعة والردة وسائر ما يكون به عاصيا ألا ترى أنه لو وطئ أم امرأته بشبهة حرمت عليه امرأته وهذا المعنى الذي ذكرناه من حكم الزوج في ملكه للثلاث من الوجوه التي ذكرنا يدل على أنه إذا أوقعهن معا وقع إذ هو موقع لما ملك ويدل عليه من جهة السنة حديث ابن عمر الذي ذكرناه سنده حين قال أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان لي أن أراجعها فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لا كانت تبين ويكون معصية وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا جرير بن حازم عن الزبير بن سعيد عن عبد الله بن على بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده أنه طلق امرأته البتة فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال ما أردت بالبتة قال واحدة قال آلله قال آلله قال هو على ما أردت فلو لم تقع الثلاث إذا أراها لما استحلفه بالله ما أراد إلا واحدة وقد تقدم ذكر أقاويل السلف فيه وأنه يقع وهو معصية فالكتاب والسنة وإجماع السلف توجب إيقاع الثلاث معا وإن كانت معصية* وذكر بشر بن الوليد عن أبى يوسف أنه قال كان الحجاج بن أرطاة خشنا وكان يقول طلاق الثلاث ليس بشيء وقال محمد بن إسحاق الطلاق الثلاث ترد إلى الواحدة واحتج بما رواه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثا في مجلس فحزن عليها حزنا شديدا فسأله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كيف طلقتها فقال طلقتها ثلاثا قال في مجلس واحد قال نعم قال فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت قال فرجعتها وبما روى أبو عاصم عن ابن جريج عن