بخبر الواحد من قبل أن قوله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) لفظ محتمل لمعان والاجتهاد سائغ فيه وقد روى عن السلف فيه وجوه مختلفة وكذلك قوله تعالى (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) محتمل لمعان على ما وصفنا فجاز تخصيصه بخبر الواحد وهو كقوله تعالى (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) وقوله تعالى (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) لما كان محتملا للوجوه واختلف السلف في المراد به جاز قبول خبر الواحد في معناه المراد به. وإنما قال أصحابنا إذا خلعها على أكثر مما أعطاها أو خلعها على مال والنشوز من قبله أن ذلك جائز في الحكم وإن لم يسعه فيما بينه وبين الله تعالى من قبل أنه أعطته بطيبة من نفسها غير مجبرة عليه وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه وأيضا فإن النهى لم يتعلق بمعنى في نفس العقد وإنما تعلق بمعنى في غيره وهو أنه لم يعطها مثل ما أخذ منها ولو كان قد أعطاها مثل ذلك لما كان ذلك مكروها فلما تعلق النهى بمعنى في غير العقد لم يمنع ذلك جواز العقد كالبيع عند أذان الجمعة وبيع حاضر لباد وتلقى الركبان ونحو ذلك وأيضا لما جاز العتق على قليل المال وكثيره وكذلك الصلح عن دم العمد كان كذلك الطلاق وكذلك النكاح لما جاز على أكثر من مهر المثل وهو بدل البضع كذلك جاز أن تضمنه المرأة بأكثر من مهر مثلها لأنه بدل من البضع في الحالين* فإن قيل لما كان الخلع* فسخا لعقد النكاح لم يجز بأكثر مما وقع عليه العقد كما لا يجوز الإقالة بأكثر من الثمن* قيل له قولك إن الخلع فسخ للعقد خطأ وإنما هو طلاق مبتدأ كهو لو لم يشرط فيه بدل ومع ذلك فلا خلاف أنه ليس بمنزلة الإقالة لأنه لو خلعها على أقل مما أعطاها جاز بالاتفاق والإقالة غير جائزة بأقل من الثمن ولا خلاف أيضا في جواز الخلع بغير شيء* وقد اختلف السلف في الخلع دون السلطان فروى عن الحسن وابن سيرين إن الخلع لا يجوز إلا عند السلطان وقال سعيد بن جبير لا يكون الخلع حتى يعظها فإن اتعظت وإلا هجرها فإن اتعظت وإلا ضربها فإن اتعظت وإلا ارتفعا إلى السلطان فيبعث حكما من أهله وحكما من أهلها فيردان ما يسمعان إلى السلطان فإن رأى بعد ذلك أن يفرق فرق وإن رأى أن يجمع جمع وروى عن على وعمر وعثمان وابن عمر وشريح وطاوس والزهري في آخرين أن الخلع جائز دون السلطان وروى سعيد عن قتادة قال كان زياد أول من