رد الخلع دون السلطان* ولا خلاف بين فقهاء الأمصار في جوازه دون السلطان وكتاب الله يوجب جوازه وهو قوله تعالى (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) وقال تعالى (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) فأباح الأخذ منها بتراضيهما من غير سلطان وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لامرأة ثابت بن قيس أتردين عليه حديقته فقالت نعم فقال للزوج خذها وفارقها يدل على ذلك أيضا لأنه لو كان الخلع إلى السلطان شاء الزوجان أو أبيا إذا علم أنهما لا يقيمان حدود الله لم يسئلهما النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك ولا خاطب الزوج بقوله اخلعها بل كان يخلعها منه ويرد عليه حديقته وإن أبيا أو واحد منهما كما لما كانت فرقة المتلاعنين إلى الحاكم لم يقل للملاعن خل سبيلها بل فرق بينهما كما روى سهل بن سعد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم فرق بين المتلاعنين كما قال في حديث آخر لا سبيل لك عليها ولم يرجع ذلك إلى الزوج فثبت بذلك جواز الخلع دون السلطان ويدل عليه أيضا قوله صلّى الله عليه وسلّم لا يحل مال امرئ إلا بطيبة من نفسه * وقد اختلف في الخلع هل هو طلاق أم ليس بطلاق فروى عن عمر وعبد الله وعثمان والحسن وأبى سلمة وشريح وإبراهيم والشعبي ومكحول إن الخلع تطليقة بائنة وهو قول فقهاء الأمصار لا خلاف بينهم فيه وروى عن ابن عباس أنه ليس بطلاق حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا على بن محمد قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرنى عبد الملك بن ميسرة قال سأل رجل طاوسا عن الخلع فقال ليس بشيء فقلت لا تزال تحدثنا بشيء لا نعرفه فقال والله لقد جمع ابن عباس بين امرأة وزوجها بعد تطليقتين وخلع ويقال هذا مما أخطأ فيه طاوس وكان كثير الخطأ مع طلالته وفضله وصلاحه يروى أشياء منكرة منها أنه روى عن ابن عباس أنه قال من طلق ثلاثا كانت واحدة وروى من غير وجه عن ابن عباس أن من طلق امرأته عدد النجوم بانت منه بثلاث قالوا وكان أيوب يتعجب من كثرة خطأ طاوس وذكر ابن أبى نجيح عن طاوس أنه قال الخلع ليس بطلاق قال فأنكره عليه أهل مكة فجمع ناسا منهم واعتذر إليهم وقال إنما سمعت ابن عباس يقول ذلك* وقد حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال حدثنا أبو همام قال حدثنا الوليد عن أبى سعيد روح بن جناح قال سمعت زمعة بن أبى عبد الرحمن قال سمعت سعيد بن المسيب يقول جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الخلع تطليقة ويدل على أنه طلاق قوله صلّى الله عليه وسلّم لثابت بن قيس حين