إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) (١).
وبعد أن خرج آل لوط في الموعد المعين «سحر ليلة كانت المدينة غارقة فيها بالفساد» فلمّا أصبح الصباح نزلت عليهم الحجارة من السماء ، وتزلزلت الأرض بهم ، فدفنوا جميعا تحت الحجارة والأنقاض ، والى هذا تشير الآية الكريمة التالية (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ).
وكان لنا بحث مفصل في قوم لوط وعاقبتهم الوخيمة وآثار الانحراف الجنسي ، في ذيل الآيات ٧٧ ـ ٨٣ من سورة هود ، ولا حاجة إلى تكراره.
إن قانون الخلق عيّن لنا مسيرا لو سلكناه لكان ذلك مدعاة لتكاملنا وحياتنا ، ولو انحرفنا عنه لكان باعثا على سقوطنا وهلاكنا.
فقانون الخلق جعل الجاذبية الجنسية بين الجنسين المتخالفين عاملا لبقاء نسل الإنسان واطمئنان روحه. وتغيير المسير نحو الانحراف الجنسي «اللواط أو السحاق» يذهب بالاطمئنان الروحي ... والنظام الاجتماعي.
وحيث أن لهذه القوانين الاجتماعية جذرا في الفطرة ، فالتخلف «أو الانحراف» يسبب الاضطراب وعدم الانسجام في نظام وجود الإنسان!.
فلوط نبيّ الله العظيم نبّه قومه المنحرفين إلى هذا الأساس «الفطري» فقال لهم : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)؟! فالجهل وعدم معرفتكم بقانون الحياة والسفاهة هو الذي يقودكم إلى الضلال والتيه!.
فلا عجب أن تتغير سائر قوانين الخلق في شأن هؤلاء القوم الضالين ، فبدلا من أن يغاثوا بماء من السماء يهب الحياة يمطرون بالحجارة .. وبدلا من أن تكون الأرض مهادا وثيرا لهم تضطرب وتتزلزل ويقلب عاليها سافلها ، لئلا يقتصر الحال على هلاكهم فحسب ، بل لتمحى آثارهم!.
وفي آخر آية من الآيات محل البحث ، وبعد بيان ما جرى على لوط وقومه
__________________
(١) «الغابرين» جمع الغابر ومعناه هنا الباقي من الذاهبين من المكان.