أعمالا إيجابيّة.
وهذا التغير في القيم ، أو اضطراب المعايير في نظر الإنسان ، يؤدي إلى الحيرة في متاهات الحياة ... وهو من أسوأ الحالات التي تصيب الإنسان.
والذي يلفت النظر أنّ «التزيين» في الآية محل البحث ـ وفي آية أخرى من القرآن ، وهي الآية (١٠٨) من سورة الأنعام ، نسب إلى الله سبحانه ، مع أنّه نسب في ثمانية مواطن إلى الشيطان ، وفي عشرة أخر جاء بصيغ الفعل المجهول (زيّن) ولو فكرنا بإمعان ـ وأمعنا النظر ، لوجدنا جميع هذه الصور كاشفة عن حقيقة واحدة!
فأمّا نسبة التزيين إلى الله ، فلأنّه «مسبب الأسباب» في عالم الإيجاد ، وما من موجود مؤثر إلّا ويعود تأثيره إلى الله.
أجل ، إنّ هذه الخاصية أوجدها الله في تكرار العمل ليتطبّع عليه الإنسان ... ويتغير حسّ التشخيص فيه دون أن تسلب المسؤولية عنه ، أو أن تكون نقصا في خلقة الله أو إيرادا عليه (لاحظوا بدقّة).
وأمّا نسبة التزيين إلى الشيطان (أو هوى النفس) فلأن كلّا منهما عامل قريب وبغير واسطة للتزيين.
وأمّا مجيء التزيين بصورة الفعل المبني للمجهول ، فهو إشارة إلى أنّ طبيعة العمل يقتضي أن يوجد ـ على أثر التكرار ـ حالة وملكة وعلاقة وعشقا!!
ثمّ تبيّن الآية التالية نتيجة «تزيين الأعمال» وعاقبة أولئك الذين شغفوا بها فتقول : (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ).
فهم في الدنيا سيمسون حيارى آيسين نادمين ، وسينالون العقاب الصارم في الآخرة (وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ).
والدليل على أنّهم في الآخرة هم الأخسرون ، ما جاء في الآية (١٠٣) من سورة الكهف (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ