ثمّ يضيف السيد المرتضى قائلا : والدلالة على صحة هذا المذهب أن الذي ذهبوا إليه ممّا لا شبهة على عاقل في أنّه مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه ، فإنا نرى كثيرا من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة ، وإذا ثبت جواز الرجعة ودخولها تحت المقدور ، فالدليل إلى إثباتها إجماع الإمامية على وقوعها (١).
ويظهر بالطبع ـ من كلمات بعض قدماء علماء الشيعة وكذلك من كلام العلامة «الطبرسي» في مجمع البيان ـ أن «الأقليّة» القليلة من الشيعة لا تؤمن بهذه العقيدة ، أي «الرجعة» وفسّروها بعودة حكومة أهل البيت عليهمالسلام ، لا رجوع الأشخاص وحياتهم بعد موتهم في هذه الدنيا ، إلّا أنّ مخالفة هذه القلة لا تؤثر في الإجماع.
وعلى كل حال ، فهنا مطالب كثيرة ، ومن أجل ألّا نخرج عن أسلوب بحثنا نشير إليها بإيجاز في ما يلي :
١ ـ لا ريب أنّ إحياء جماعة من الموتى في هذه الدنيا ليس محالا! ... كما أن إحياء جميع البشر في يوم القيامة ممكن ، والتعجب من هذه المسألة كتعجب المشركين «من أهل الجاهلية» من مسألة المعاد ، والسخرية منها كالسخرية من المعاد! ... لأنّ العقل لا يحكم على مثل هذا الأمر بالاستحالة ... وقدرة الله واسعة بحيث أنّ هذه الأمور عندها سهلة يسيرة هيّنة!.
٢ ـ جاء ذكر الرجعة في القرآن المجيد إجمالا ، ووقوعها في خمسة مواطن في شأن الأمم السالفة.
ألف : في ما يتعلق بالنّبي الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها ، وعظام أهلها نخرة متفرقة هنا وهناك. فتساءل في نفسه وقال : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها) فأماته الله مائة عام ثمّ أحياه فقال له : كم لبثت؟! قال : لبثت يوما أو
__________________
(١) سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٥١١ ، مادة رجع.