٣ ـ التعبير الآنف الذكر يدلّ على أنّه في الوقت الذي ترى الجبال بحسب الظاهر جامدة ، إلّا أنّها في الواقع تتحرك بسرعة «على حالتها التي ترى فيها جامدة» أي أن الحالتين تبينان شيئا واحدا.
٤ ـ والتعبير بـ «الإتقان» الذي يعني الإحكام والتنظيم ، يتناسب زمان استقرار نظام العالم ، ولا يتناسب وزمان انهياره وتلاشيه.
٥ ـ جملة (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) مع ملاحظة أنّ «تفعلون» فعل مضارع ، تدل على أنّها تتعلق بهذه الدنيا ، لأنّها تقول : إن الله خبير بأعمالكم التي تصدر في الحال والمستقبل. ولو كانت ترتبط بانتهاء العالم ، لكان ينبغي أن يقال : إنّه خبير بما فعلتم. «فتأملوا بدقّة».
ويستفاد من مجموع هذه القرائن أنّ هذه الآية تكشف عن إحدى عجائب الخلق ، وهي في الواقع تشبه ما جاء في الآيتين آنفتي الذكر : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ).
وبناء على ذلك فالآيات محل البحث قسم منها في التوحيد ، وقسم منها في المعاد!.
وما نستنتجه من هذا التّفسير ، هو أن هذه الجبال التي نتصورها ساكنة «جامدة» هي في سرعة مطرّدة في حركتها ... ومن المقطوع به أنّه لا معنى لحركة الجبال من دون حركة الأرض المتصلة بها ، فيتّضح من الآية أنّ الأرض تتحرك كما يتحرك السحاب!.
ووفقا لحسابات علماء اليوم فإنّ سرعة حركة الأرض حول نفسها تقرب من (٣٠) كيلومتر في كل دقيقة ، وسرعة سيرها في حركتها الانتقالية حول الشمس أكثر من هذا المقدار ...
لكن علام عني بالجبال دون غيرها؟ لعل ذلك إنّما هو لأنّ الجبال يضرب بها المثل لثقلها وقرارها ، وتعدّ مثلا حسنا لبيان قدرة الله سبحانه ، فحيث أن هذه