إلى منزل شعيب نبي الله ، وأن يتخلّص من الغربة ، وأن يجد مأوى يطمئن إليه ، وصار من نصيبه الأكل الهنيء والثياب والزوجة الصالحة ، وأهم من كل ذلك .. إنّه وصل إلى شعيب ، ذلك الشيخ الكبير الذي يتمتع بضمير حي وله دين سماوي ، فعاش معه عشر سنين وأصبح مهيأ لقيادة الأمة في ذلك الوقت ..
ج ـ إنّ رجال الله لا يتركون أي عمل سدى ـ وخاصّة ما يعمله المخلصون ـ دون أن يؤدوا أجره .. ولهذه السبب فإنّ شعيبا حين بلغه ما قدمه موسى عليهالسلام من عمل ـ وهو شاب لم يكن معروفا لم يكن معروفا هناك ـ لم يقرّ حتى أرسل خلفه ليعطيه أجره.
د ـ وهذه المسألة تثير الانتباه ، وهي أن موسى كان يذكر الله دائما ، ويطلب منه العون في كل أمر ، يوكل حل مشاكله إليه.
فحين قتل القبطي وعرف أنّه «ترك الأولى» استغفر ربّه فورا و (قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي).
وحين خرج من مصر سأل الله أن يحفظه و (قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
وحين وصل أرض مدين (قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ!).
وحين سقى أغنام «شعيب» وتولى إلى الظل دعا ربّه (فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
وهذا الدعاء الأخير ـ خاصة ـ الذي دعا به في وقت تحوط فيه الأزمات وهو في أشدّ الحاجات ، دعا به وهو في غاية التأدب والخشوع ، ولم يسأل الله أن يحقق له ما يحتاج ، بل سأل المزيد وقال : (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
ه ـ لا ينبغي التصور أن موسى عليهالسلام إنّما كان يذكر الله في الشدائد فحسب ، فهو لم ينس ذكر الله حتى حين كان في نعمة ورفاهية من العيش ، إذ كان يعيش في