وأنكروا أن يكونوا سمعوا مثل ذلك (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ).
فواجهوا موسى متوسّلين بحربة توسّل بها جميع الجبابرة والضالّون على طول التاريخ ، حين رأوا المعاجز من أنبيائهم .. وهي حربة «السحر» لأنّ الأنبياء يأتون بأمور خارقة للعادات ، و «السحر» خارق للعادة «لكن اين هذا من هذه»؟
السحرة أناس منحرفون وأهل دنيا وعبيد لها وأساس عملهم قائم على تحريف الحقائق ، ويمكن معرفتهم جيدا بهذه العلامة .. في حين أنّ دعوة الأنبياء ومحتواها شاهد على صدق معاجزهم ..
ثمّ إنّ السحرة طالما يعتمدون على القدرة البشرية فإنّ عملهم محدود ، أمّا الأنبياء الذين يعتمدون على قوّة الهية ، فإن معاجزهم عظيمة وغير محدودة! ..
التعبير بـ «الآيات البيّنات» عن معاجز موسى عليهالسلام بصيغة الجمع ، ربّما يراد به أن معاجز أخرى غير المعجزتين هاتين ، أو أن كل معجزة من معجزتيه مركبة من عدّة معاجز.
فتبديل العصا إلى ثعبان عظيم معجزة ، وعودة الثعبان إلى عصا معجزة أخرى.
والتعبير بـ «مفترى» مأخوذة من «فرية» بمعنى التهمة والكذب لأنّهم قصدوا أنّ موسى يكذب على الله!.
والتعبير بـ (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) مع أن نداء الأنبياء ودعوتهم من أمثال نوح وإبراهيم ويوسف عليهمالسلام كانا من قبل موسى عليهالسلام في هذه الأرض ، فجميعهم دعوا إلى عبادة الله سبحانه. هذا التعبير أساسه طول المدّة وبعد العهد عليهم ، أو أنّهم يريدون أن يقولوا : إنّ آباءنا ـ أيضا ـ لم يذعنوا لدعوة الأنبياء قبلك!.
لكن موسى عليهالسلام أجابهم بلهجة التهديد والوعيد ، حيث يكشف لنا القرآن هذا الحوار (وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ