حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف كتاب الله» (١).
وبهذا المعيار يتّضح معرفة هاتين الطائفتين من الأئمة .. ففي يوم القيامة الذي تتمايز فيه الصفوف ، كل جماعة تمضي خلف إمامها ، فأهل النار إلى النّار ، وأهل الجنّة إلى الجنّة .. كما يقول القرآن الكريم : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (٢).
وقلنا مرارا : إنّ يوم القيامة تجسم عظيم عن هذا العالم «الصغير» وأولئك الذين ارتبطوا بإمام معين واقتفوا أثره ، فهم سائرون خلفه هناك أيضا.
ينقل «بشر بن غالب» عن الإمام أبي عبد الله الحسين عليهالسلام أنّه سأله عن تفسير الآية (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فقال عليهالسلام : «إمام دعا إلى هدى فأجابوه إليه ، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها ، هؤلاء في الجنّة ، وهؤلاء في النّار .. وهو قوله عزوجل (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٣).
من الطريف أن فرعون الذي تقدّم قومه في هذه الدنيا وأغرقهم بمعيّته في أمواج النيل ، يقدم قومه يوم القيامة ـ أيضا ـ يخزيهم بمعيته في نار جهنم ، إذ يقول القرآن في شأنه:(يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ). (٤)
ونختم هذا البحث بحديث الإمام علي عليهالسلام في شأن المنافقين حيث يقول عليهالسلام : «ثمّ بقوا بعده فتقربوا إلى أئمّة الضلالة والدعاة إلى النّار بالزور والبهتان ، فولّوهم الأعمال ، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس» (٥).
* * *
__________________
(١) تفسير الصافي ذيل الآيات مورد البحث.
(٢) الإسراء ، ٧١.
(٣) أمالي الصدوق لما ورد في نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ١٩٢.
(٤) سورة هود ، ٩٨.
(٥) راجع نهج البلاغة ، الخطبة ٢١٠.