المبعوثون إلى مشركي مكّة ونقلوا لهم ما جرى بينهم وبين اليهود ، فقالوا : (سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ).
ولكن بملاحظة هاتين النقطتين يبدو هذا التّفسير بعيدا جدّا :
الأولى : أنّه قلّ أن يرى في التاريخ والرّوايات أن مشركي العرب يتهمون موسى بكونه ساحرا.
الثّانية : كيف يمكن لأحد أن يدعي أن موسى ومحمّدا صلىاللهعليهوآله ساحران يعين أحدهما الآخر مع وجود فاصلة زمنية بينهما تقدّر بالفي عام.
ترى هل يمكن لساحر قبل آلاف السنين أن يعرف من سيأتي في المستقبل؟! وماذا سيقول؟!
وعلى كل حال فإنّ مشركي مكّة المعاندين كانوا يصرّون على أنّه لم لم يأت النّبي صلىاللهعليهوآله بمعاجز كمعاجز موسى ، ومن جهة أخرى لم يكونوا يعترفون بما يجدونه في «التوراة» من علائمه وأوصافه ولا يؤمنون بالقرآن المجيد وآياته العظيمة ... لذا يخاطب القرآن النّبي محمّدا صلىاللهعليهوآله ليتحداهم بأن يأتوا بكتاب أسمى من القرآن!! (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
وبتعبير آخر : إنّهم كانوا يبحثون عن كتاب هداية وعن معاجز!!
فأي كتاب هداية أعظم من القرآن؟! وأية معجزة أسمى منه؟!
ولو لم يكن عند النّبي شيء آخر سوى القرآن لكان كافيا في إثبات دعوته الحقة! ولكنّهم لم يكونوا طلّاب حق ، بل أصحاب حجج واهية فحسب!
ثمّ يضيف القرآن (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) لأنّ أي إنسان إذا لم يتبع هواه فإنّه سيذعن لهذا الاقتراح ، لكن أولئك لم يكونوا على صراط مستقيم ، ولذلك يرفضون كل مقترح بذريعة جديدة!.