قرأ عليهم نبيّ الإسلام سورة «يس» دمعت عيونهم شوقا وأسلموا (١).
وقال بعضهم : هذه الآيات نزلت في نصارى نجران «مدينة في شمال اليمن» جاءوا إلى النّبي فسمعوا آيات القرآن فآمنوا به (٢).
وقال آخرون : بل نزلت في النجاشي وقومه. (٣)
كما يرى بعضهم أنّها نازلة في «سلمان الفارسي» وجماعة من علماء اليهود ، كعبد الله بن سلام وتميم الداري والجارود العبدي وأضرابهم (٤).
وأخيرا فإنّ بعضهم يرى أنّ الآيات تشير إلى أربعين عالما مسيحيا من ذوي الضمائر حيّة والنيرة ، جاء اثنان وثلاثون منهم مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة ، وثمانية آخرون من الشام ، من بينهم «بحيرا» الراهب الى النّبي صلىاللهعليهوآله فأسلموا. (٥)
وبالطبع فإنّ الرّوايات الثلاث تتناسب مع نزول الآيات في مكّة ، كما أنّها تدعم قول من يرى بأن جميع آيات هذه السورة مكية. ولكن الرواية الرابعة والرواية الخامسة تدلّان على أن هذه الآيات الآنفة نزلت بالمدينة استثناء ، كما أنّهما تدعمان قول القائلين على أنّ الآيات المتقدمة مدنية لا مكية.
وعلى كل حال فإن هذه الآيات «شواهد بليغة» تدل على أن جماعة من علماء أهل الكتاب أعلنوا إسلامهم حين سمعوا آيات القرآن ... لأنّه لا يمكن لنبي الإسلام صلىاللهعليهوآله أن يقول مثل هذا. ولم يكن أحد من أهل الكتاب قد آمن به بعد لأنّ المشركين كانوا ينهضون فورا ويقومون بالصياح والضجيج لتكذيب النّبي صلىاللهعليهوآله.
* * *
__________________
(١) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٦ ، ص ٣٥٧ ، و ٣٥٨.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٢٥٨.
(٥) المصدر السابق.